وإليه ذهب الجمهور، وظاهره عام للمنفرد، والجماعة، والبلد الحار، وغيره، وفيه أقوال غير هذه. وقيل: الابراد سنة، والتعجيل أفضل، لعموم أدلة فضيلة الوقت. وأجيب: بأنها عامة مخصوصة، بأحاديث الابراد. وعورض حديث الابراد: بحديث خباب شكونا إلى رسول الله (ص) حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا، فلم يشكنا أي: لم يزل شكوانا، وهو حديث صحيح رواه مسلم. وأجيب عنه بأجوبة: أحسنها: أن الذي شكوه شدة الرمضاء في الأكف والجباه، وهذه لا تذهب عن الأرض إلا اخر الوقت، أو بعد اخره، ولذا قال لهم (ص) صلوا الصلاة لوقتها كما هو ثابت في رواية خباب هذه بلفظ: فلم يشكنا. وقال: صلوا الصلاة لوقتها رواها ابن المنذر، فإنه دال على أنهم طلبوا تأخيرا زائدا عن وقت الابراد، فلا يعارض حديث الامر بالابراد. وتعليل الابراد بأن شدة الحر من فيح جهنم: يعني: وعند شدته يذهب الخشوع الذي هو روح الصلاة وأعظم المطلوب منها. قيل: وإذا كان العلة ذلك، فلا يشرع الابراد في البلاد الباردة، وقال ابن العربي في القبس: ليس في الابراد تحديد إلا ما ورد في حديث ابن مسعود: يعني الذي أخرجه أبو داود، والحاكم من طريق الأسود عنه: كان قدر صلاة رسول الله (ص) الظهر في الصيف ثلاثة أقدام إلى خمسة أقدام، وفي الشتاء خمسة أقدام، إلى سبعة أقدام ذكره المصنف في التلخيص، وقد بينا ما فيه، وأنه لا يتم به الاستدلال في المواقيت، وقد عرفت أن حديث الابراد يخصص فضيلة صلاة الظهر في أول وقتها بزمان شدة الحر كما قيل: إنه مخصص بالفجر.
(وعن رافع بن خديج قال: قال رسول الله (ص): أصبحوا بالصبح) وفي رواية: أسفروا (فإنه أعظم لأجوركم. رواه الخمسة، وصححه الترمذي وابن حبان)، وهذا لفظ أبي داود. وبه احتجت الحنفية على تأخير الفجر إلى الاسفار. وأجيب عنه: بأن استمرار صلاته (ص) بغلس، وبما أخرج أبو داود من حديث أنس: أنه (ص) أسفر بالصبح مرة، ثم كانت صلاته بعد بغلس، حتى مات، يشعر بأن المراد: بأصبحوا غير ظاهره، فقيل: المراد به تحقق طلوع الفجر، وأن أعظم ليس للتفضيل، وقيل المراد به إطالة القراءة في صلاة الصبح، حتى يخرج منها مسفرا. وقيل: المراد به الليالي المقمرة، فإنه لا يتضح أول الفجر معها، لغلبة نور القمر لنوره، أو أنه (ص) فعله مرة واحدة لعذر، ثم استمر على خلافه، كما يفيده حديث أنس. وأما الرد على حديث الاسفار بحديث عائشة عند ابن أبي شيبة، وغيره بلفظ: ما صلى النبي (ص) الصلاة لوقتها الآخر حتى قبضه الله فليس بتام، لان الاسفار ليس اخره وقت صلاة الفجر، بل اخر ما يفيده.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (ص) قال: من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس) أي: وأضاف إليها أخرى بعد طلوعها، (فقد أدرك الصبح) ضرورة أنه ليس المراد: من صلى ركعة فقد. والمراد فقط أدرك صلاته أداء، لوقوع ركعة في الوقت (ومن أدرك ركعة من العصر) ففعلها (قبل