في مختصر المنذري: في إسناده مجالد، وهو أبو سعيد بن عمير الهمداني الكوفي. وقد تكلم فيه غير واحد، وأخرج له مسلم حديثا مقرونا بغيره من أصحاب الشعبي، وأخرج نحوه أيضا الدارقطني: من حديث أنس، وأبي أمامة، والطبراني: من حديث جابر، وفي إسنادهما ضعف.
وهذا الحديث معارض لحديث أبي ذر، وفيه: أنه يقطع صلاة من ليس له سترة: المرأة، والحمار، والكلب الأسود. ولما تعارض الحديثان اختلف نظر العلماء فيهما، فقيل: المراد بالقطع في حديث أبي ذر: نقص الصلاة بشغل القلب: بمرور المذكورات، وبعدم القطع في حديث أبي سعيد: عدم البطلان، أي أنه لا يبطلها شئ، وإن نقص ثوابها بمرور ما ذكر: في حديث أبي ذر.
وقيل: حديث أبي سعيد هذا: ناسخ لحديث أبي ذر، وهذا ضعيف، لأنه لا نسخ مع إمكان الجمع، لما عرفت، ولأنه لا يتم النسخ إلا بمعرفة التاريخ، ولا يعلم هنا المتقدم من المتأخر، على أنه لو تعذر الجمع بينهما لرجع إلى الترجيح، وحديث أبي ذر أرجح، لأنه أخرجه مسلم في صحيحه، وحديث أبي سعيد في سنده ضعف، كما عرفت.
باب الحث على الخشوع في الصلاة في القاموس: الخشوع: الخضوع، أو قريب من الخضوع، أو هو في البدن، والخشوع في الصوت والبصر والسكون والتذلل. وفي الشرع الخضوع تارة يكون في القلب، وتارة يكون من قبل البدن، كالسكوت، وقيل لا بد من اعتبارهما، حكاه الفخر الرازي في تفسيره. ويدل على أنه من عمل القلب: حديث علي عليه السلام: الخشوع في القلب أخرجه الحاكم.
قلت: ويدل له حديث: لو خشع قلب هذا لخشعت جوارحه، وحديث الدعاء في الاستعاذة وأعوذ بك من قلب لا يخشع. وقد اختلف في وجوب الخشوع في الصلاة. فالجمهور على عدم وجوبه، وقد أطال الغزالي في الاحياء: الكلام في ذلك، وذكر أدلة وجوبه، وادعى النووي: الاجماع إلى عدم وجوبه.
(عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله (ص) هذا إخبار من أبي هريرة: عن نهيه (ص)، ولم يأت بلفظه الذي أفاد النهي، لكن هذا: له حكم الرفع (أن يصلي الرجل) ومثله المرأة (مختصرا) بضم الميم وسكون الخاء المعجمة، وفتح المثناة الفوقية فصاد مهملة مكسورة فراء، وهو منتصب على الحال، وعامله يصلي، وصاحبه الرجل. (متفق عليه واللفظ لمسلم)، وفسره المصنف أيضا بقوله: (ومعناه أن يجعل يده) اليمنى أو اليسرى (على خاصرته) كذلك: أي الخاصرة اليمنى، أو اليسرى، أو هما معا عليهما، إلا أن تفسيره بما ذكر يعارضه: ما في القاموس من قوله: وفي الحديث: المختصرون يوم القيامة على وجوههم النور أي: المصلون بالليل، فإذا تعبوا وضعوا أيديهم على خواصرهم. اه، إلا أني لم أجد الحديث مخرجا، فإن صح، فالجمع بينه وبين حديث الكتاب أن يتوجه النهي إلى من