الحمد لله الذي من علينا ببلوغ المرام من خدمة السنة النبوية، وتفضل علينا بتيسير الوصول إلى مطالبها العلية، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تنزل قائلها الغرف الأخروية، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي باتباعه يرجى الفوز بالمواهب اللدنية، (ص) وعلى آله الذين جهم ذخائر العقبى وهم خير البرية.
وبعد: فهذا شرح لطيف على بلوغ المرام، تأليف الشيخ العلامة شيخ الاسلام: أحمد ابن علي بن حجر: أحله الله دار السلام، اختصرته عن شرح القاضي العلامة شرف الدين : الحسين بن محمد المغربي: أعلى الله درجاته في عليين، مقتصرا على حل ألفاظه وبيان معانيه قاصدا بذلك وجه الله. ثم التقريب للطالبين فيه والناظرين، معرضا عن ذكر الخلافات والأقاويل، إلا أن يدعو إليه ما يرتبط به الدليل، متجنبا للإيجاز المخل والاطناب الممل.
وقد صممت إليه زيادات جمة على ما في الأصل من الفوائد. وأسأل الله أن يجعله في المعاد من خير العوائد، فهو حسبي ونعم الوكيل، وعليه في البداية والنهاية التعويل.
(الحمد لله) افتتح كلامه بالثناء على الله تعالى امتثالا لما ورد في البداءة به من الآثار، ورجاء لبركة تأليفه، لان كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله منزوع البركة كما وردت بذلك الاخبار، واقتداء بكتاب الله المبين، وسلوك مسلك العلماء المؤلفين. قال المناوي في التعريفات في حقيقة الحمد: إن الحمد اللغوي الوصف بفضيلة على فضيلة على جهة التعظيم باللسان. والحمد العرفي فعل يشعر بتعظيم المنعم لكونه منعما. والحمد القولي حمد اللسان وثناؤه على الحق بما أثنى به على نفسه على لسان أنبيائه ورسله. والحمد الفعلي الاتيان بالاعمال البدنية ابتغاء وجه الله تعالى. وذكر الشارح التعريف المعروف للحمد بأنه لغة: الوصف بالجميل على الجميل الاختياري، واصطلاحا: الفعل الدال على تعظيم المنعم من حيث إنه منعم واصلة تلك المنعمة أو غير واصلة. والله هو الذات الواجب الوجود المستحق لجميع المحامد (على نعمه) جمع نعمة. قال الرازي: النعمة المنفعة المفعولة على جهة الاحسان إلى الغير.
وقال الراغب: النعمة ما قصدت به الاحسان في النفع. والانعام: إيصال الاحسان الظاهر إلى الغير (الظاهرة والباطنة) مأخوذ من قوله تعالى - وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة - وقد