لقطع أثر النجاسة وإزالة عينها. وبه أخذ جماعة من أهل البيت، ومن الحنفية، والشافعية. واستدل من أوجب الحاد وهم الهادوية: بأن المقصود من الطهارة أن يكون المصلى على أكمل هيئة وأحسن زينة. ولحديث: اقرصيه وأميطيه عنك بإذخرة. قال في الشرح: - وقد عرفت أن ما ذكره يفيد المطلوب، وأن القول الأول أظهر، هذا كلامه. وقد يقال - قد ورد الامر بالغسل لدم الحيض بالماء والسدر، والسدر من الحواد، والحديث الوارد به في غاية الصحة كما عرفت، فيقيد به ما أطلق في غيره، ويخص استعمال الحاد بدم الحيض، ولا يقاس عليه غيره من النجاسات، وذلك لعدم تحقق شروط القياس، ويحمل حديث: ولا يضرك أثره وحديث عائشة، وقولها: فلم يذهب، أي بعد الحاد. فهذه الأحاديث في هذا الباب اشتملت من النجاسات على: الخمر، ولحوم الحمر الأهلية، والمني، وبول الجارية، والغلام، ودم الحيض. ولو أدخل المصنف بول الاعرابي في المسجد، ودباغ الأديم، ونحوه في هذا الباب، لكان أوجه.
باب الوضوء في القاموس: الوضوء يأتي بالضم: الفعل، وبالفتح: ماؤه، ومصدر أيضا، أو لغتان، ويعني بهما المصدر، وقد يعنى بهما الماء، يقال: توضأت للصلاة، وتوضيت لغية، أو لثغة اه. واعلم أن الوضوء من أعظم شروط الصلاة، وقد ثبت عند الشيخين من حديث أبي هريرة مرفوعا: إن الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ وثبت حديث: الوضوء شطر الايمان، وأنزل الله فريضته من السماء في قوله: * (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون) * الآية، وهي مدنية، واختلف العلماء: هل كان فرض الوضوء بالمدينة أو بمكة؟ فالمحققون على أنه فرض بالمدينة لعدم النص الناهض على خلافه. ورد في الوضوء فضائل كثيرة، منها حديث أبي هريرة عند مالك وغيره مرفوعا: إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء أو مع اخر قطر الماء، فإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع اخر قطر الماء، فإذا غسل رجليه خرجت كل خطيئة مشتها رجلاه مع الماء أو مع اخر قطر الماء، حتى يخرج نقيا من الذنوب. وأشمل منه ما أخرجه مالك أيضا من حديث عبد الله الصنابحي بضم الصاد المهملة وفتح النون وكسر الموحدة اخره مهملة، نسبة إلى صنابح بطن من مراد، وهو صحابي. قال: إن رسول الله (ص) قال: إذا توضأ العبد المؤمن فتمضمض خرجت الخطايا من فيه، وإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من أظفار رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة له، وفي معناهما عدة أحاديث. ثم هل الوضوء من خصائص هذه الأمة؟ فيه خلاف. المحققون على أنه ليس من خصائصها إنما الذي من خصائصها الغرة والتحجيل.