إلى العين تعمق، لم يرد به دليل، ولا فعله الصحابة وهم خير قبيل. فالحق أن الجهة كافية، ولو لمن كان في مكة وما يليها.
(وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله (ص) يصلي على راحلته حيث توجهت به. متفق عليه). هو في البخاري عن عامر بن ربيعة بلفظ: كان يسبح على الراحلة وأخرجه عن ابن عمر بلفظ: كان يسبح على ظهر راحلته وأخرج الشافعي نحوه من حديث جابر بلفظ: رأيت رسول الله (ص) يصلي وهو على راحلته النوافل وقوله: (زاد البخاري: يومئ برأسه) أي في سجوده وركوعه.
زاد ابن خزيمة: ولكنه يخفض السجدتين من الركعة (ولم يكن يصنعه)، أي: هذا الفعل، وهو الصلاة على ظهر الراحلة (في المكتوبة) أي الفريضة. الحديث دليل على صحة صلاة النافلة على الراحلة، وإن فاته استقبال القبلة، وظاهره سواء كان على محمل أو لا، وسواء كان السفر طويلا أو قصيرا، إلا أن في رواية رزين في حديث جابر زيادة: في سفر القصر. وذهب إلى شرطية هذا جماعة من العلماء، وقيل: لا يشترط، بل يجوز في الحضر، وهو مروي عن أنس من قوله، وفعله. والراحلة: هي الناقة. والحديث ظاهر في جواز ذلك للراكب، وأما الماشي فمسكوت عنه. وقد ذهب إلى جوازه جماعة من العلماء، قياسا على الراكب بجامع التيسير للمتطوع، إلا أنه قيل: لا يعفى له عدم الاستقبال في ركوعه وسجوده، وإتمامهما، وأنه لا يمشي إلا في قيامه وتشهده. ولهم في جواز مشيه عند الاعتدال من الركوع قولان: وأما اعتداله بين السجدتين فلا يمشي فيه، إذ لا يمشي إلا مع القيام، وهو يجب عليه القعود بينهما وظاهر قوله حيث توجهت أنه لا يعتدل لأجل الاستقبال، لا في حال صلاته، ولا في أولها، إلا أن في قوله:
(ولأبي داود من حديث أنس رضي لله عنه: وكان إذا سافر فأراد أن يتطوع استقبل بناقته القبلة، فكبر ثم صلى حيث كان وجه ركابه، وإسناده حسن) ما يدل على أنه عند تكبيرة الاحرام يستقبل القبلة، وهي زيادة مقبولة، وحديثه حسن، فيعمل بها. وقوله:
ناقته، وفي الأول: راحلته: هما بمعنى واحد، وليس بشرط أن يكون ركوبه على ناقة، بل قد صح في رواية مسلم: أنه (ص) صلى على حماره وقوله: إذا سافر تقدم أن السفر شرط عند بعض العلماء، وكأنه يأخذه من هذا، وليس بظاهر في الشرطية. وفي هذا الحديث، والذي قبله: أن ذلك في النفل، لا الفرض، بل صرح البخاري: أنه لا يصنعه في المكتوبة، إلا أنه قد ورد في رواية الترمذي والنسائي: أنه (ص) أتى إلى مضيق هو وأصحابه، والسماء من فوقهم، والبلة من أسفل منهم، فحضرت الصلاة، فأمر المؤذن، فأذن، وأقام. ثم تقدم رسول الله (ص) على راحلته، فصلى بهم يومئ إيماء، فيجعل السجود أخفض من الركوع. قال الترمذي: حديث غريب، وثبت ذلك عن أنس من فعله، وصححه عبد الحق، وحسنه الثوري، وضعفه البيهقي، وذهب البعض: إلى أن الفريضة تصح على الراحلة إذا كان مستقبل القبلة في هودج، ولو كانت سائرة كالسفينة، فإن الصلاة تصح فيها إجماعا. قلت