لان فيه أشعث بن سعيد السمان وهو ضعيف الحديث: والحديث دليل على أن من صلى إلى غير القبلة لظلمة أو غيم إنها تجزئه صلاته، سواء كان مع النظر في الامارات والتحري أولا وسواء انكشف له الخطأ في الوقت أو بعده. ويدل له ما رواه الطبراني من حديث معاذ ابن جبل قال صلينا مع رسول الله (ص) في يوم غيم في السفر إلى غير القبلة، فلما قضى صلاته تجلت الشمس، فقلنا يا رسول الله صلينا إلى غير القبلة، قال: قد رفعت صلاتكم بحقها إلى الله وفيه أبو عيلة وقد وثقه ابن حبان. وقد اختلف العلماء في هذا الحكم، فالقول بالاجزاء مذهب الشعبي والحنيفية والكوفيين فيما عدا من صلى بغير تحري وتيقن الخطأ، فإنه حكى في البحر الاجماع على وجوب الإعادة، فأن تم الاجماع خص به عموم الحديث وذهب آخرون إلى أنه لا تجب عليه الإعادة إذا صلى بتحر وانكشف له الخطأ وقد خرج الوقت. وأما إذا تيقن الخطأ والوقت باق وجبت عليه الإعادة لتوجه الخطاب مع بقاء الوقت، فأن لم يتيقن فلا يأمن من الخطأ في الاخر، فأن خرج الوقت فلا إعادة للحديث. واشترط التحري إذ الواجب عليه تيقن الاستقبال، فأن تعذر اليقين فعل ما أمكنه من التحري، فأن قصر فهو غير معذور الا إذا تيقن الإصابة. وقال الشافعي: تجب الإعادة عليه في الوقت وبعده لان الاستقبال واجب قطعا وحديث السرية فيه ضعف. قلت الأظهر العمل يخبر السرية لتقوية بحديث معاذ بل هو حجة وحده والاجماع قد عرف كثرت دعواهم له ولا يصح.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): ما بين المشرق والمغرب قبل. رواه الترمذي وقواه البخاري) وفي التخليص حديث ما بين المشرق والمغرب قبلة رواه الترمذي عن أبي هريرة مرفوعا، وقال حسن صحيح، فكان عليه هنا أن يذكر تصحيح الترمذي له على قاعدته، ورأيناه في الترمذي بعد سياقه له بسنده من طريقين حسن أحدهما وصححها ثم قال: وقد روى عن غير واحد من أصحاب النبي (ص) ما بين المشرق والمغرب قبلة منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس. وقال ابن عمر: إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قبلة إذا استقبلت القبلة وقال ابن المبارك: ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق اه. والحديث دليل على أن الواجب استقبال الجهة لا العين في حق من تعذرت عليه العين، وقد ذهب جماعة من العلماء لهذا الحديث. ووجه الاستدلال به على ذلك أن المراد أن بين الجهتين قبلة لغير المعاين ومن في حكمه، لان المعاين لا تنحصر قبلته بين الجهتين المشرق والمغرب بل كل الجهات في حقه سواء متى قابل العين أو شطرها فالحديث دليل على أن ما بين الجهتين قبلة وأن الجهة كافية في الاستقبال وليس فيه دليل على أن المعاين يتعين عليه العين بل لا بد من الدليل على ذلك وقوله تعالى: * (فول وجهك شطر المسجد الحرام) * خطاب له (ص) وهو في المدينة واستقبال العين فيها متعسر أو متعذر الا ما قيل في محرابه (ص) لكن الامر بتوليته وجهه شطر المسجد الحرام عام لصلاته في محرابه وغيره، وقوله: * (وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره) دال على كفاية الجهة، إذ العين في كل محل تتعذر على كل مصل، وقولهم: يقسم الجهات حتى يحصل له أنه توجه