ابن عباس هذا. قال المصنف: إنه قال الشافعي لما قيل له: كيف صرت إلى حديث ابن عباس في التشهد؟ قال: لما رأيته واسعا، وسمعته عن ابن عباس صحيحا، كان عندي أجمع وأكثر لفظا من غيره، فأخذت به، غير معنف لمن يأخذ بغيره مما صح.
(وعن فضالة) بفتح الفاء بزنة سحابة، هو أبو محمد: فضالة (بن عبيد) بصيغة التصغير لعبد، أنصاري أوسي. أول مشاهده أحد، ثم شهد ما بعدها، وبايع تحت الشجرة، ثم انتقل إلى الشام، وسكن دمشق، وتولى القضاء بها، ومات بها، وقيل غير ذلك. (قال: سمع رسول الله (ص) رجلا يدعو في صلاته، ولم يحمد الله، ولم يصل على النبي (ص) فقال: عجل هذا) أي: بدعائه قبل تقديم الامرين (ثم دعاه، فقال:
إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه) هو عطف تفسيري، ويحتمل أن يراد بالتحميد: نفسه، وبالثناء: ما هو أعم) أي: عبارة، فيكون من عطف العام على الخاص (ثم يصلي) هو خبر محذوف: أي ثم يصلي عطف جملة على جملة، فلذا لم تجزم (على النبي (ص)، ثم يدعو بما شاء) من خير الدنيا والآخرة (رواه أحمد، والثلاثة، وصححه الترمذي، وابن حبان، والحاكم). الحديث دليل: على وجوب ما ذكر من التحميد والثناء، والصلاة عليه (ص)، والدعاء بما شاء، وهو موافق في المعنى: لحديث ابن مسعود وغيره، فإن أحاديث التشهد تتضمن ما ذكر من الحمد والثناء، وهي مبينة لما أجمله هذا.
ويأتي الكلام في الصلاة عليه (ص)، وهذا إذا ثبت: أن هذا الدعاء الذي سمعه النبي (ص) من ذلك الرجل، كان في قعدة التشهد، وإلا فليس في هذا الحديث دليل على أنه كان ذلك حال قعدة التشهد، إلا أن ذكر المصنف له هنا يدل على أنه كان في قعود التشهد، وكأنه عرف ذلك من سياقه. وفيه دليل على تقديم الوسائل بين يدي المسائل وهي نظير * (إياك نعبد وإياك نستعين) * حيث قدم الوسيلة وهي العبادة على طلب الاستعانة، (وعن أبي مسعود) الأنصاري. أبو مسعود اسمه عقبة بن عامر بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي البدري، شهد العقبة الثانية وهو صغير ولم يشهد بدرا، وإنما نزل به فنسب إليه سكن الكوفة ومات بها في خلافة أمير المؤمنين علي عليه السلام (قال: قال بشير بن سعد) هو أبو النعمان بشير بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي والد النعمان بن بشير، شهد العقبة وما بعدها (يا رسول أمرنا الله أن نصلي عليك) يريد في قوله تعالى صلوا عليه وسلموا تسليما (فكيف نصلي عليك؟ فسكت) أي رسول الله (ص)، وعند أحمد، ومسلم زيادة: حتى تمنينا أنه لم يسأله (ثم قال: قولوا: اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد). الحميد: صيغة مبالغة فعيل بمعنى مفعول، يستوي فيه المذكر والمؤنث. أي إنك محمود بمحامدك اللائقة بعظمة شأنك، وهو تعليل لطلب الصلاة، أي: لأنك محمود، ومن محامدك: إفاضتك أنواع العنايات، وزيادة