قالوا: ويشرع له أن يسجد إذا كانت الصلاة نافلة، لان النافلة مخفف فيها. وأجيب عن الحديث: بأنه استدلال بالمفهوم، وقد ثبت من فعله (ص): أنه قرأ سورة الانشقاق في الصلاة، وسجد، وسجد من خلفه، وكذلك: سورة تنزيل السجدة، قرأ بها، وسجد فيها. وقد أخرج أبو داود، والحاكم، والطحاوي من حديث ابن عمر: أنه (ص) سجد في الظهر، فرأى أصحابه أنه قرأ اية سجدة، فسجدوها.
واعلم أنه قد ورد الذكر في سجود التلاوة بأن يقول: سجد وجهي للذي خلقه، وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته أخرجه أحمد، وأصحاب السنن، والحاكم، والبيهقي، وصححه ابن السكن، وزاد في اخره: ثلاثا وزاد الحاكم في اخره: * (فتبارك الله أحسن الخالقين) *، وفي حديث ابن عباس: أنه (ص) كان يقول في سجود التلاوة: اللهم اكتب لي بها عندك أجرا، واجعلها لي عندك ذخرا، وضع عني بها وزرا، وتقبلها مني، كما تقبلتها من عبدك داود.
(وعن أبي بكرة رضي الله عنه، أن النبي (ص) كان إذا جاءه أمر يسره خر ساجدا لله. رواه الخمسة إلا النسائي). هذا مما شملته الترجمة بقوله: وغيره، وهو دليل على شرعية سجود الشكر، وذهبت إلى شرعيته الهادوية، والشافعي، وأحمد، خلافا لمالك، ورواية أبي حنيفة: بأنه لا كراهة فيه: ولا ندب، والحديث دليل للأولين، وقد سجد (ص) في اية ص، وقال: هي لنا شكر.
واعلم أنه قد اختلف: هل يشترط لها الطهارة أم لا؟ فقيل: يشترط قياسا على الصلاة، وقيل:
كلا يشترط، لأنها ليست بصلاة، وهو الأقرب كما قدمناه. وقال المهدي: إنه يكبر لسجود الشكر. وقال أبو طالب: ويستقبل القبلة. وقال الامام يحيى: ولا يسجد للشكر في الصلاة قولا واحدا، إذ ليس من توابعها. قيل: ومقتضى شرعيته: حدوث نعمة، أو اندفاع مكروه، فيفعل ذلك في الصلاة، ويكون كسجود التلاوة.
(وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سجد رسول الله (ص)، فأطال السجود، ثم رفع رأسه، فقال: إن جبريل أتاني فبشرني) وجاء تفسير البشرى: بأنه تعالى قال: من صلى عليك (ص) صلاة: صلى الله عليه بها عشرا رواه أحمد في المسند من طرق (فسجدت لله شكرا. رواه أحمد، وصححه الحاكم) أخرجه البزار، وابن أبي عاصم في فضل الصلاة عليه (ص). قال البيهقي: وفي الباب عن جابر، وابن عمر، وأنس، وجرير، وأبي جحيفة.
(وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي (ص) بعث عليا إلى اليمن - فذكر الحديث - قال: فكتب علي بإسلامهم فلما قرأ رسول الله (ص) الكتاب خر ساجدا، شكرا لله تعالى على ذلك. رواه البيهقي. وأصله في البخاري). وفي معناه سجود كعب بن مالك لما أنزل الله توبته، فإنه يدل على أن شرعية ذلك كانت متقررة عندهم.