الأربعين (ووقع في البزار) أي من حديث أبي جهيم (من وجه) أي من طريق رجالها غير رجل المتفق عليه (أربعين خريفا) أعاما، أطلق الخريف على العام، من إطلاق الجزء على الكل. والحديث دليل على تحريم المرور بين يدي المصلي: أي ما بين موضع جبهته في سجوده، وقدميه، وقيل: غير هذا، وهو عام في كل مصل فرضا، أو نفلا، سواء كان إماما، أو منفردا، وقيل: يختص بالامام والمنفرد، إلا المأموم، فإنه لا يضره من مر بين يديه، لان ستر الامام سترة له، وإمامه سترة له، إلا أنه قد رد هذا القول: بأن السترة إنما ترفع الحرج عن المصلي، لا عن المار. ثم ظاهر الوعيد يختص بالمار، لا بمن وقف عامدا مثلا بين يدي المصلي، أو قعد، أو رقد، ولكن إذا كان العلة فيه التشويش على المصلي، فهو في معنى المار.
(وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سئل رسول الله (ص) في غزوة تبوك: عن سترة المصلي فقال: مثل مؤخرة) بضم الميم وهمزة ساكنة وكسر الخاء المعجمة وفيها لغات أخر (الرحل) هو العود الذي في اخر الرحل (أخرجه مسلم). وفي الحديث ندب للمصلي إلى اتخاذ سترة، وأنه يكفيه مثل مؤخرة الرحل، وهي قدر ثلثي ذراع، وتحصل بأي شئ أقامه بين يديه. قال العلماء: والحكمة في السترة كف البصر عما وراءها، ومنع من يجتاز بقربه. وأخذ من هذا. أنه لا يكفي الخط بين يدي المصلي، وإن كان قد جاء به حديث، أخرجه أبو داود، إلا أنه ضعيف مضطرب، وقد أخذ به أحمد بن حنبل فقال: يكفي الخط، وينبغي له أن يدنو من السترة، ولا يزيد ما بينه وبينها على ثلاثة أذرع، فإن لم يجد عصا، أو نحوها جمع أحجارا، أو ترابا، أو متاعه، قال النووي: استحب أهل العلم الدنو من السترة: بحيث يكون بينه وبينها قدر مكان السجود، وكذلك بين الصفوف. وقد ورد الامر بالدنو منها، وبيان الحكمة في اتخاذها، وهو ما رواه أبو داود وغيره من حديث سهل بن أبي حثمة مرفوعا: إذا صلى أحدكم إلى سترة، فليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته، ويأتي في الحديث الرابع: ما يفيد ذلك، والقول بأن أقل السترة مثل مؤخرة الرحل يرده الحديث الآتي:
(وعن سبرة) بفتح السين المهملة وسكون الموحدة، وهو أبو ثرية بضم المثلثة وفتح الراء وتشديد المثناة التحتية وهو سبرة (ابن معبد الجهني) سكن المدينة، وعداده في البصريين (قال: قال رسول الله (ص): ليستتر أحدكم في الصلاة، ولو بسهم. أخرجه الحاكم). فيه الامر بالسترة، وحمله الجماهير على الندب، وعرفت أن فائدة اتخاذها: أنه مع اتخاذها لا يقطع الصلاة شئ، ومع عدم اتخاذها: يقطعها ما يأتي، وفي قوله: لو بسهم ما يفيد: أنها تجزئ السترة، غلظت أو دقت، وأنه ليس أقلها مثل مؤخرة الرحل، كما قيل: قالوا: والمختار أن يجعل السترة عن يمينه، أو شماله، ولا يصمد إليها.
(وعن أبي ذر) بفتح الذال المعجمة وقد تقدمت ترجمته (قال: قال رسول الله (ص): يقطع صلاة المرء المسلم) أي يفسدها، أو يقلل ثوابها (إذا لم يكن بين يديه مثل مؤخرة الرحل) أي مثلا، وإلا فقد أجزأ السهم كما عرفت