سنة، ولم يتزوج بكرا غيرها، واستأذنت النبي (ص) في الكنية، فقال لها: تكني بابن أختك عبد الله بن الزبير. وكانت فقيهة عالمة فصيحة فاضلة، كثيرة الحديث عن رسول الله (ص)، عارفة بأيام العرب وأشعارها. روى عنها جماعة من الصحابة والتابعين، نزلت براءتها من السماء في عشر آيات في سورة النور. توفي رسول الله (ص) في بيتها، ودفن فيه، وماتت بالمدينة سنة سبع وخمسين، وقيل: سنة ثمان وخمسين، ليلة الثلاثاء لسبع عشرة خلت من رمضان، ودفنت بالبقيع، وصلى عليها أبو هريرة، وكان خليفة مروان في المدينة. (قالت: كان رسول الله (ص) يغسل المني، ثم يخرج إلى الصلاة في ذلك الثوب، وأنا أنظر إلى أثر الغسل فيه. متفق عليه) وأخرجه البخاري أيضا من حديث عائشة بألفاظ مختلفة: وأنها كانت تغسل المني من ثوبه (ص)، وفي بعضها: وأثر الغسل في ثوبه بقع الماء وفي لفظ: فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه وفي لفظ: وأثر الغسل فيه بقع الماء وفي لفظ: ثم أراه فيه بقعة أو بقعا. إلا أنه قد قال البزار: إن حديث عائشة هذا مداره على سليمان بن يسار، ولم يسمع من عائشة، وسبقه إلى هذا الشافعي في الأم حكاية عن غيره. ورد ما قاله البزار بأن تصحيح البخاري له، وموافقة مسلم له على تصحيحه مفيد لصحة سماع سليمان من عائشة، وأن رفعه صحيح. وبهذا الحديث استدل من قال: بنجاسة المني وهم الهادوية، والحنفية، ومالك، ورواية عن أحمد قالوا: لان الغسل لا يكون إلا عن نجس، وقياسا على غيره من فضلات البدن المستقذرة من البول والغائط، لانصباب جميعها إلى مقر وانحلالها عن الغذاء، ولان الاحداث الموجبة للطهارة نجسة والمني منها، ولأنه يجري من مجرى البول، فتعين غسله بالماء كغيره من النجاسات، وتأولوا ما يأتي مما يفيده قوله: (ولمسلم) أي عن عائشة رواية انفرد بلفظها عن البخاري وهي قولها: (لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله (ص) فركا) مصدر تأكيدي يقرر أنها كانت تفركه وتحكه، والفرك: الدلك، يقال: فرك الثوب، إذا دلكه (فيصلي فيه، وفي لفظ له) أي لمسلم عن عائشة: (لقد كنت أحكه) أي المني حال كونه (يابسا بظفري من ثوبه).
اختص مسلم باخراج رواية الفرك، ولم يخرجها البخاري. وقد روى الحت والفرك أيضا البيهقي، والدارقطني، وابن خزيمة، وابن الجوزي، من حديث عائشة، ولفظ البيهقي: ربما حتته من ثوب رسول الله (ص) وهو يصلي ولفظ الدارقطني، وابن خزيمة: أنها كانت تحت المني من ثوب رسول الله (ص) وهو يصلي، ولفظ ابن حبان: لقد رأيتني أفرك المني من ثوب رسول الله (ص) وهو يصلي رجاله رجال الصحيح، وقريب من هذا الحديث: حديث ابن عباس عند الدارقطني. والبيهقي، وقال البيهقي بعد اخراجه:
ورواه وكيع، وابن أبي ليلى موقوفا على ابن عباس، وهو الصحيح اه. سئل رسول الله (ص) عن المني يصيب الثوب فقال: إنما هو بمنزلة المخاط والبصاق والبزاق وقال: إنما يكفيك أن تمسحه بخرقة أو إذخرة. فالقائلون بنجاسة المني: تأولوا أحاديث الفرك هذه: بأن المراد به الفرك مع غسله بالماء وهو بعيد. وقالت الشافعية: المني طاهر، واستدلوا على طهارته