الترمذي. وابن خزيمة). ومعنى الحديث قد ورد من طرق سردها في الشرح، وقد أفادت معارضة الحديث الماضي، وأنه يجوز غسل الرجل بفضل المرأة، ويقاس عليه العكس لمساواته له، وفي الامرين خلاف، والأظهر جواز الامرين، وأن النهي محمول على التنزيه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات، أولاهن بالتراب أخرجه مسلم. وفي لفظ له: فليرقه. وللترمذي: أخراهن، أو أولاهن بالتراب. (وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): طهور) قال في الشرح: الأظهر فيه ضم الطاء ويقال بفتحها لغتان (إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب) في القاموس: ولغ الكلب في الاناء وفي الشراب يلغ (كيهب) ويالغ وولغ كورث ووجل: شرب ما فيه بأطراف لسانه، أو أدخل لسانه فيه فحركه (أن يغسله) أي الاناء (سبع مرات أولاهن بالتراب أخرجه مسلم، وفي لفظ له فليرقه) أي الماء الذي ولغ فيه، (وللترمذي أخراهن) أي السبع (أو أولاهن بالتراب). دل الحديث على أحكام: أولها: نجاسة فم الكلب من حيث الامر بالغسل لما ولغ فيه، والإراقة للماء، وقوله: طهور إناء أحدكم، فإنه لا غسل إلا من حدث أو نجس، وليس هنا حدث فتعين النجس، والإراقة إضاعة ماله، فلو كان طاهرا لما أمر بإضاعته، إذ قد نهى عن إضاعة المال، وهو ظاهر في نجاسة فمه، وألحق به سائر بدنه قياسا عليه، وذلك لأنه إذا ثبت نجاسة لعابه، ولعابه جزء من فمه، إذ هو عرق فمه، ففمه نجس، إذ العرق جزء متحلب من البدن فكذلك بقية بدنه، إلا أن من قال: إن الامر بالغسل ليس لنجاسة الكلب قال: يحتمل أن النجاسة في فمه ولعابه، إذ هو محل استعماله للنجاسة بحسب الأغلب، وعلق الحكم بالنظر إلى غالب أحواله من أكله النجاسات بفمه ومباشرته لها، فلا يدل على نجاسة عينه، والقول بنجاسة عينه قول الجماهير، والخلاف لمالك وداود والزهري، وأدلة الأولين ما سمعت. وأدلة غيرهم وهم القائلون: إن الامر بالغسل للتعبد لا للنجاسة، أنه لو كان للنجاسة لاكتفى بما دون السبع، إذ نجاسته لا تزيد على العذرة.
وأجيب عنه: بأن أصل الحكم الذي هو الامر بالغسل معقول المعنى ممكن التعليل، أي بأنه للنجاسة. والأصل في الاحكام التعليل فيحمل على الأغلب، والتعبد إنما هو في العدد فقط.
كذا في الشرح وهو مأخوذ من شرح العمدة وقد حققنا في حواشيه خلاف ما قرره من أغلبية تعليل الاحكام وطولنا هنالك الكلام. الحكم الثاني: أنه دل الحديث على وجوب سبع غسلات للاناء وهو واضح. ومن قال: لا تجب السبع بل ولوغ الكلب كغيره من النجاسات والتسبيع ندب، استدل على ذلك: بأن راوي الحديث وهو أبو هريرة قال: يغسل من ولوغه ثلاث مرات، كما أخرجه الطحاوي، والدارقطني. وأجيب عن هذا: بأن العمل بما رواه عن النبي (ص)، لا بما رآه، وأفتى به، وبأنه معارض بما روى عنه أيضا: أنه أفتى بالغسل سبعا وهي أرجح سندا، وترجح أيضا بأنها توافق الرواية المرفوعة. وبما روى عنه (ص) أنه قال في الكلب يلغ في الاناء: يغسل ثلاثا أو خمسا أو سبعا قالوا: فالحديث دل على عدم تعيين السبع وأنه مخير، ولا تخيير في معين، وأجيب عنه، بأنه حديث ضعيف لا تقوم به حجة. الحكم الثالث: وجوب التتريب للاناء لثبوته في الحديث، ثم الحديث يدل على تعيين التراب، وأنه في الغسلة الأولى. ومن أوجبه قال: لا فرق بين أن يخلط الماء بالتراب حتى