الآتي، ويأتي أن الأصح فيه أنه موقوف، فلا يقاوم حديث عمار المرفوع الوارد للتعليم. ومن ذلك اختلافهم في الترتيب بين الوجه واليدين، وحديث عمار كما عرفت قاض بأنه لا يجب، وإليه ذهب من قال: تكفي ضربة واحدة قالوا: والعطف في الآية بالواو لا ينافي ذلك وذهب من قال: بالضربتين: إلى أنه لا بد من الترتيب بتقديم الوجه على اليدين، واليمنى على اليسرى.
وفي حديث عمار: دلالة على أن المشروع هو ضرب التراب. وقال بعدم إجزاء غيره: الهادوية، وغير هم: لحديث عمار هذا، وحديث ابن عمر الآتي. وقال الشافعي: يجزئ وضع يده في التراب، لان في إحدى روايتي تيممه (ص) من الجدار: أنه وضع يده، (وفي رواية) أي من حديث عمار. (للبخاري، وضرب بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه) أي: ظاهرهما كما سلف، وهو كاللفظ الأول، إلا أنه خالفه بالترتيب، وزيادة النفخ. فأما نفخ التراب: فهو مندوب. وقيل: لا يندب، وسلف الكلام في الترتيب. وهذا التيمم وارد فكفاية التراب للجنب الفاقد للماء، وقد قاسوا عليه الحائض، والنفساء، وخالف فيه ابن عمر، وابن مسعود. وأما كون التراب يرفع الجنابة، أو لا، فسيأتي في شرح حديث أبي هريرة، وهو الحديث السادس. (وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله (ص): التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين: رواه الدارقطني). وقال في سننه عقب روايته: وقفه يحيى القطان، وهشيم، وغيرهما، وهو الصواب اه، ولذا قال المصنف:
(وصحح الأئمة وقفه) على ابن عمر. قالوا: وإنه من كلامه، وللاجتهاد مسرح في ذلك، وفي معناه عدة روايات كلها غير صحيحة، بل إما موقوفة، أو ضعيفة، فالعمدة حديث عمار، وبه جزم البخاري في صحيحه فقال: باب التيمم للوجه والكفين. قال المصنف في الفتح: أي: هو الواجب المجزئ، وأتى بصيغة الجزم في ذلك، مع شهرة الخلاف فيه، لقوة دليله، فإن الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم، وعمار. وما عداهما فضعيف، أو مختلف في رفعه، ووقفه، والراجح عنده رفعه. فأما حديث أبي جهيم، فورد بذكر اليدين مجملا. وأما حديث عمار، فورد بلفظ الكفين في الصحيحين، وبلفظ المرفقين في السنن. وفي رواية: إلى نصف الذراع، وفي رواية، إلى الآباط. فأما رواية المرفقين، وكذا نصف الذراع ففيهما مقال.
وأما رواية الآباط، فقال الشافعي، وغيره: إن كان وقع بأمر النبي (ص)، فبكل تيمم صح عن النبي (ص) بعده، فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره، فالحجة فيما أمر به. ويؤيد رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين: أن عمارا كان يفتي بعد النبي (ص) بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره، ولا سيما الصحابي المجتهد.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (ص): الصعيد) هو عند الأكثرين التراب. وعن بعض أئمة اللغة: أنه وجه الأرض، ترابا كان، أو غيره، وإن كان صخرا لا تراب عليه. وتقدم الكلام في ذلك. (وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين)