في فضل القول لان اخر الحديث أنه قال: إذا قال السامع: ذلك من قلبه دخل الجنة والمصنف لم يأت بلفظ الحديث، بمعناه. هذا، والحول: هو الحركة: أي لا حركة، ولا استطاعة إلا بمشيئة الله، وقيل: لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير إلا بالله، وقيل:
لا حول عن معصية الله إلا بعصمته، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، وحكى هذا عن ابن مسعود مرفوعا. واعلم أن هذا الحديث مقيد لاطلاق حديث أبي سعيد الذي فيه: فقولوا مثل ما يقول أي فيما عدا الحيعلة، وقيل: يجمع السامع بين الحيعلة والحوقلة، عملا بالحديثين والأول أولى، لأنه تخصيص للحديث العام أو تقييد لمطلقه، ولان المعنى مناسب لإجابة الحيعلة من السامع بالحوقلة، فإنه لما دعي إلى ما فيه الفوز، والفلاح، والنجاة، وإصابة الخير، ناسب أن يقول: هذا أمر عظيم، لا أستطيع مع ضعفي القيام به، إلا إذا وفقني الله بحوله وقوته، ولان ألفاظ الأذان ذكر الله، فناسب أن يجيب بها، إذ هو ذكر له تعالى. وأما الحيعلة: فإنما هي دعاء إلى الصلاة والذي يدعو إليها هو المؤذن، وأما السامع، فإنما عليه الامتثال والاقبال على ما دعي إليه، وإجابته في ذكر الله لا فيما عداه. والعمل بالحديثين، كما ذكرنا هو الطريقة المعروفة في حمل المطلق على المقيد، أو تقديم الخاص على العام، فهي أولى بالاتباع، وهل يجيب عند الترجيع أو لا يجيب؟ وعند التثويب؟ فيه خلاف. وقيل: يقول في جواب التثويب صدقت وبررت، وهذا استحسان من قائله، وإلا فليس فيه سنة تعتمد.
فائدة: أخرج أبو داود عن بعض أصحاب النبي (ص): أن بلالا أخذ في الإقامة، فلما أن قال: قد قامت الصلاة، قال النبي (ص): أقامها الله و أدامها وقال في سائر الإقامة: بنحو حديث عمر في الأذان. يريد بحديث عمر: ما ذكره المصنف، وسقناه في الشرح: من متابعة المقيم في ألفاظ الإقامة كلها.
(وعن عثمان بن أبي العاص) هو أبو عبد الله عثمان بن أبي العاص بن بشر الثقفي، استعمله النبي (ص) على الطائف، فلم يزل عليها مدة حياته (ص)، وخلافة أبي بكر وسنين من خلافة عمر، ثم عزله، وولاه عمان، والبحرين، وكان من الوافدين عليه (ص) في وفد ثقيف، وكان أصغرهم سنا، له سبع وعشرون سنة، ولما توفي رسول الله (ص) عزمت ثقيف على الردة، فقال لهم: يا ثقيف كنتم اخر الناس إسلاما، فلا تكونوا أولهم ردة، فامتنعوا من الردة، مات بالبصرة سنة إحدى وخمسين (أنه قال: يا رسول الله اجعلني إمام قومي، فقال: أنت إمامهم، واقتد بأضعفهم) أي اجعل أضعفهم بمرض، أو زمانه، أو نحوهما قدوة لك، تصلي بصلاته تخفيفا (واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا. أخرجه الخمسة، وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم). الحديث يدل على جواز طلب الإمامة في الخير. وقد ورد في أدعية عباد الرحمن الذين وصفهم الله بتلك الأوصاف أنهم يقولون: * (واجعلنا للمتقين إماما) *، وليس من طلب الرياسة المكروهة، فإن ذلك فيما يتعلق برياسة الدنيا، التي لا يعان من طلبها، ولا يستحق أن يعطاها، كما يأتي بيانه. وأنه يجب على إمام