(عن أبيه) عبد الله بن الشخير، وهو ممن وفد إلى النبي (ص) في بني عامر، يعد في البصريين. (قال رأيت رسول الله (ص) يصلي وفي صدره أزيز) بفتح الهمزة فزاي مكسورة فمثناة تحتية ساكنة فزاي، وهو: صوت القدر في غليانها (كأزيز المرجل) بكسر الميم وسكون الراء وفتح الجيم هو القدر (من البكاء) بيان للأزيز (أخرجه الخمسة) هم عنده على ما ذكره في الخطبة: من عدا الشيخين، فهم أصحاب السنن، وأحمد، إلا أنه هنا أراد بهم غير ذلك، وهم أهل السنن الثلاثة وأحمد، كما بينه قوله: إلا ابن ماجة، وصححه ابن حبان)، وصححه أيضا ابن خزيمة، والحاكم، ووهم من قال: إن مسلما أخرجه، ومثله ما روى: أن عمر صلى صلاة الصبح، وقرأ سورة يوسف حتى بلغ إلى قوله: * (إنما أشكو بشئ وحزني إلى الله). فسمع نشيجه، أخرجه البخاري مقطوعا، ووصله سعيد بن منصور، وأخرجه ابن المنذر. والحديث دليل على أن مثل ذلك لا يبطل الصلاة، وقيس عليه الأنين.
(وعن علي رضي الله عنه قال: كان لي من رسول الله (ص) مدخلان) بفتح الميم ودال مهملة وخاء معجمة تثنية مدخل بزنة مقتل: أي وقتان أدخل عليه فيهما (فكنت إذا أتيته وهو يصلي تنحنح لي، رواه النسائي، وابن ماجة) وصححه ابن السكن، وقد روى بلفظ: سبح مكان تنحنح: من طريق أخرى ضعيفة. والحديث دليل:
على أن التنحنح غير مبطل للصلاة، وقد ذهب إليه الناصر، والشافعي، عملا بهذا الحديث، وعند الهادوية: أنه مفسد إذا كان بحرفين فصاعدا، إلحاقا له بالكلام المفسد، قالوا: وهذا الحديث فيه اضطراب، ولكن قد سمعت: أن رواية: تنحنح صححها ابن السكن، ورواية سبح ضعيفة، فلا تتم دعوى الاضطراب، ولو ثبت الحديثان معا، لكان الجمع بينهما - بأنه (ص) كان تارة يسبح، وتارة يتنحنح صحيحا.
(وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قلت لبلال: كيف رأيت النبي (ص) يرد عليهم) أي على الأنصار، كما دل له السياق (حين يسلمون عليه وهو يصلي؟
قال: يقول: هكذا وبسط كفه. أخرجه أبو داود والترمذي، وصححه)، وأخرجه أيضا أحمد، والنسائي، وابن ماجة، وأصل الحديث: أنه خرج رسول الله (ص) إلى قباء يصلي فيه، فجاءت الأنصار، وسلموا عليه، فقلت لبلال: كيف رأيت؟ الحديث، ورواه أحمد، وابن حبان، والحاكم أيضا من حديث ابن عمر: أنه سأل صهيبا عن ذلك بدل بلال، وذكر الترمذي: أن الحديثين صحيحان جميعا. والحديث دليل على أن إذا سلم أحد على المصلي رد عليه السلام، بالإشارة دون النطق. وقد أخرج مسلم عن جابر: أن رسول الله (ص) بعثه لحاجة. قال: ثم أدركته وهو يصلي، فسلمت عليه، فأشار إلي، فلما فرغ دعاني وقال:
إنك سلمت علي، فاعتذر إليه بعد الرد بالإشارة. وأما حديث ابن مسعود: أنه سلم عليه وهو يصلي، فلم يرد عليه (ص)، ولا ذكر الإشارة، بل قال له بعد فراغه من الصلاة إن في الصلاة شغلا، إلا أنه قد ذكر البيهقي في حديثه: أنه (ص) أومأ له