من الصلاة عند إطلاقها: الواجبة، وكانت صلاته (ص) الواجبة جماعة، وهو الامام فيها، إلا أنه لو فرض هذا، فإن قوله (ص): صلوا كما رأيتموني أصلي:
أمر لكل مصل أن يصلي، كصلاته (ص): من إمام ومنفرد. وذهبت الشافعية ، والهادوية، وغيرهم إلى: أن التسميع مطلقا: لمتنفل، أو مفترض: وللامام، والمنفرد، والحمد للمؤتم، لحديث إذا قال الامام سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد أخرجه أبو داود. وأجيب بأن قوله إذا قال الامام سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد لا ينفي قول المؤتم: سمع الله لمن حمده، وإنما يدل على أنه يقول المؤتم: ربنا لك الحمد عقب قول الإمام: سمع الله لمن حمده، والواقع هو ذلك، لان الامام يقول: سمع الله لمن حمده في حال انتقاله، والمأموم يقول التحميد في حال اعتداله، واستفيد الجمع بينهما من الحديث الأول. قلت: لكن أخرج أبو داود عن الشعبي: لا يقول المؤتم خلف الامام: سمع الله لمن حمده، ولكن يقول: ربنا لك الحمد، ولكنه موقوف على الشعبي، فلا تقوم به حجة. وقد ادعى الطحاوي، وابن عبد البر الاجماع على كون المنفرد يجمع بينهما، وذهب آخرون إلى أنه يجمع بينهما الامام والمنفرد، ويحمد المؤتم. قالوا: والحجة جمع الامام بينهما، لاتحاد حكم الامام والمنفرد.
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان رسول الله (ص) إذا رفع رأسه من الركوع قال: اللهم) لم أجد لفظ اللهم في مسلم في رواية أبي سعيد، ووجدتها في رواية ابن عباس (ربنا لك الحمد ملء) بنصب الهمزة على المصدرية، ويجوز رفعه خبر مبتدأ محذوف (السماوات والأرض) وفي سنن أبي داود وغيره وملء الأرض وهي في رواية ابن عباس عند مسلم، فهذه الرواية كلها ليست لفظ أبي سعيد، لعدم وجود اللهم في أوله، ولا لفظ ابن عباس لوجود ملء الأرض فيها (وملء ما شئت من شئ بعد) بضم الدال على البناء للقطع عن الإضافة، ونية المضاف إليه (أهل) بنصبه على النداء، أو رفعه: أي أنت أهل الثناء والمجد. أحق ما قال العبد) بالرفع خبر مبتدأ محذوف، وما مصدرية، تقديره هذا: أي قوله: اللهم لك الحمد، أحق قول العبد وإنما لم يجعل : لا مانع لما أعطيت خبرا وأحق مبتدأ، لأنه محذوف في بعض الروايات، فجعلناه جملة استئنافية، إذا حذف تم الكلام من دون ذكره. وفي الشرح: جعل أحق مبتدأ وخبره لا مانع لما أعطيت. وفي شرح المهذب نقلا عن ابن الصلاح معناه: أحق ما قال العبد قوله: لا مانع لما أعطيت إلى اخره، وقوله: وكلنا لك عبد اعتراض بين المبتدأ والخبر. قال: أو يكون قوله: أحق ما قال العبد خبرا لما قبله: أي قوله: ربنا لك الحمد إلى اخره أحق ما قال العبد.
قال: والأول أولى. قال النووي: لما فيه من كمال التفويض إلى الله تعالى، والاعتراف بكمال قدرته وعظمته وقهره وسلطانه، وانفراده بالوحدانية، وتدبير مخلوقاته انتهى (ما قال العبد وكلنا لك عبد) ثم استأنف فقال: (اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد. رواه مسلم). الحديث دليل على مشروعية هذا الذكر في هذا الركن لكل مصل، وقد جعل الحمد كالأجسام، وجعله سادا لما ذكره