التسليمة الواحدة: بعمل أهل المدينة، وهو عمل توارثوه كابرا عن كابر. وأجيب عنه: بأنه قد تقرر في الأصول: أن عملهم ليس بحجة، وقوله: عن يمينه وعن شماله أي منحرفا إلى الجهتين بحيث يرى بياض خده، كما ورد في رواية سعد: رأيت رسول الله (ص) سلم عن يمينه وعن شماله، حتى كأني أنظر إلى صفحة خده وفي لفظ: حتى أرى بياض خده.
أخرجه مسلم والنسائي.
(وعن المغيرة بن شعبة: أن النبي (ص) كان يقول في دبر) قال في القاموس: الدبر بضم الدال وبضمتين: نقيض القبل من كل شئ، عقبه ومؤخره، وقال في الدبر محركة الدال والباء بالفتح: الصلاة في اخر وقتها، وتسكن الباء ولا يقال بضمتين، فإنه من لحن المحدثين (كل صلاة مكتوبة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت) ووقع عند عبد بن حميد بعده: ولا راد لما قضيت (ولا ينفع ذا الجد منك الجد. متفق عليه). زاد الطبراني من طريق أخرى عن المغيرة بعد قوله:
له الملك وله الحمد - يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير ورواته موثوقون، وثبت مثله عند البزار: من حديث عبد الرحمن بن عوف بسند صحيح، لكنه في القول: إذا أصبح وإذا أمسى. ومعنى:
لا مانع لما أعطيت أن من قضيت له بقضاء من رزق، أو غيره، لا يمنعه أحد عنه، ومعنى:
لا معطي لما منعت: أنه من قضيت له بحرمان، لا معطى له. والجد بفتح الجيم كما سلف.
قال البخاري: معناه الغنى، والمراد: لا ينفعه ولا ينجيه حظه في الدنيا بالمال والولد والعظمة والسلطان، وإنما ينجيه فضلك ورحمتك. والحديث دليل على استحباب هذا الدعاء عقب الصلوات، لما اشتمل على توحيد الله، ونسبة الامر كله إليه، والمنع، والاعطاء، وتمام القدرة.
(وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: أن رسول الله (ص) كان يتعوذ بهن دبر كل صلاة اللهم إني أعوذ بك) أي: ألتجئ إليك (من البخل) بضم الموحدة وسكون الخاء المعجمة. وفيه لغات (وأعوذ بك من الجبن) بزنة البخل (وأعوذ بك من أن أراد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر. رواه البخاري). قوله: دبر الصلاة هنا، وفي الأول، يحتمل، أنه قبل الخروج، لان دبر الحيوان منه، وعليه بعض أئمة الحديث، ويحتمل: أنه بعدها، وهو أقرب.
والمراد بالصلاة عند الاطلاق المفروضة. والتعوذ من البخل قد كثر في الأحاديث قيل:
والمقصود منه منع ما يجب بذله من المال شرعا، أو عادة. والجبن: هو المهابة للأشياء، والتأخر عن فعلها يقال منه: جبان، كسحاب: لمن قام به، والمتعوذ منه هو: التأخر عن الاقدام بالنفس إلى الجهاد الواجب، والتأخر: عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونحو ذلك. والمراد من الرد إلى أرذل العمر: هو بلوغ الهرم والخرف حتى يعود، كهيئته الأولى في أوان الطفولية، ضعيف البنية، سخيف العقل، قليل الفهم. وأما فتنة الدنيا، فهي: الافتتان بشهواتها وزخارفها، حتى تلهيه