الترسل في الأذان، لان المراد من الاعلام للبعيد، وهو مع الترسل أكثر إبلاغا. وعلى شرعية الحدر، والاسراع في الإقامة، لان المراد منها إعلام الحاضرين، فكان الاسراع بها أنسب، ليفرغ منها بسرعة، فيأتي بالمقصود، وهو الصلاة.
(وله) أي الترمذي (عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي (ص) قال: لا يؤذن إلا متوضئ. وضعفه أيضا) أي كما ضعف الأول، فإنه ضعف هذا بالانقطاع، إذ هو عن الزهري عن أبي هريرة. قال الترمذي: والزهري لم يسمع من أبي هريرة، والراوي عن الزهري ضعيف، ورواية الترمذي من رواية يونس عن الزهري عنه موقوفا، إلا أنه بلفظ لا ينادي وهذا أصح، ورواه أبو الشيخ في كتاب الأذان من حديث ابن عباس بلفظ: إن الأذان متصل بالصلاة فلا يؤذن أحدكم إلا وهو طاهر، وهو دليل على اشتراط الطهارة للأذان من الحدث الأصغر، ومن الحدث الأكبر بالأولى. وقالت الهادوية يشترط فيه الطهارة من الحدث الأكبر، فلا يصح أذان الجنب، ويصح من غير المتوضئ، عملا بهذا الحديث، كما قاله في الشرح. قلت: ولا يخفى أن الحديث دال على شرطية كون المؤذن متوضئا، فلا وجه لما قالوه من التفرقة بين الحديثين. وأما استدلالهم لصحته من المحدث حدثا أصغر بالقياس على جواز قراءة القرآن، فقياس في مقابلة النص، لا يعمل به عندهم في الأصول. وقد ذهب أحمد، وآخرون إلى: أنه لا يصح أذان المحدث حدثا أصغر، عملا بهذا الحديث، وإن كان فيه ما عرفت. والترمذي صحح وقفه على أبي هريرة. وأما الإقامة فالأكثر على شرطية الوضوء لها. قالوا:
لأنه لم يرد أنها وقعت على خلا ف ذلك في عهد رسول الله (ص)، ولا يخفى ما فيه، وقال قوم: تجوز على غير وضوء، وإن كان مكروها، وقال آخرون: تجوز بلا كراهة.
(وله) أي الترمذي (عن زياد بن الحارث) هو زياد بن الحارث الصدائي: بايع النبي (ص)، وأذن بين يديه، يعد في البصريين، وصداء بضم الصاد المهملة وتخفيف الدال المهملة وبعد الألف همزة: اسم قبيلة (قال: قال رسول الله (ص): ومن أذن) عطف على ما قبله. وهو قوله (ص): إن أخا صداء قد أذن (فهو يقيم، وضعفه أيضا) أي: كما ضعف ما قبله. قال الترمذي: إنما يعرف من حديث زياد ابن أنعم الإفريقي، وقد ضعفه ابن القطان، وغيره، وقال البخاري: هو مقارب لحديث ضعفه أبو حاتم، وابن حبان. وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: أن من أذن فهو يقيم. والحديث دليل على أن الإقامة حق لمن أذن، فلا تصح من غيره، وعليه الهادوية، وعضد حديث الباب حديث ابن عمر بلفظ: مهلا يا بلال، فإنما يقيم من أذن أخرجه الطبراني، والعقيلي، وأبو الشيخ، وإن كان قد ضعفه أبو حاتم، وابن حبان. وقال الحنفية وغيرهم:
تجزئ إقامة غير من أذن، لعدم نهوض الدليل على ذلك، ولما يدل له قوله:
(ولأبي داود من حديث عبد الله بن زيد) أي: ابن عبد ربه، الذي تقدم حديثه أول الباب: (أنه قال): أي النبي (ص) لما أمره أن يلقيه على بلال: (أنا رأيته يعني الأذان) في المنام (وأنا كنت أريده قال: فأقم أنت. وفيه ضعف أيضا). لم يتعرض