في كل واحدة، وقراءة سورة معها في كل ركعة من الأوليين، وأن هذا كان عادته عليه الصلاة والسلام، كما يدل له: كان يصلي، إذ هي عبارة تفيد الاستمرار غالبا. وإسماعهم الآية أحيانا دليل على أنه لا يجب الاسرار في السرية، وأن ذلك لا يقتضي سجود السهو، وفي قوله أحيانا ما يدل على أنه تكرر ذلك منه (ص). وقد أخرج النسائي من حديث البراء قال: كنا نصلي خلف النبي (ص) الظهر، ونسمع منه الآية بعد الآية من سورة لقمان، والذاريات وأخرج ابن خزيمة من حديث أنس نحوه، ولكن قال: سبح لله اسم ربك الأعلى، وهل أتاك حديث الغاشية. وفي الحديث دليل على تطويل الركعة الأولى، ووجهه: ما أخرجه عبد الرزاق في اخر حديث أبي قتادة هذا: وظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى، وأخرج أبو داود من حديث عبد الرزاق عن عطاء: أني لأحب أن يطول الامام الركعة الأولى. وقد ادعى ابن حبان أن التطويل إنما هو بترتيل القراءة فيها مع استواء المقروء.
وقد روى مسلم من حديث حفصة: كان يرتل السورة، حتى تكون أطول من أطول منها وقيل: إنما طالت الأولى بدعاء الافتتاح والتعوذ، وأما القراءة فيها فهما سواء. وفي حديث أبي سعيد الآتي: ما يرشد إلى ذلك، وقال البيهقي: يطول في الأولى إن كان ينتظر أحدا، وإلا فيسوى بين الأوليين. وفيه دليل: على أنه لا يزاد في الأخريين على الفاتحة، وكذلك الثالثة في المغرب، وإن كان مالك قد أخرج في الموطأ من طريق الصنابحي أنه سمع أبا بكر يقرأ فيها * (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا) *. الآية وللشافعي: قولان في استحباب قراءة السورة في الأخريين. وفيه دليل على جواز أن يخبر الانسان بالظن، وإلا فمعرفة القراءة بالسورة لا طريق فيه إلى اليقين، وإسماع الآية أحيانا لا يدل على قراءة كل السورة، وحديث أبي سعيد الآتي يدل على الاخبار عن ذلك بالظن. وكذا حديث خباب حين سئل: بم كنتم تعرفون قراءة النبي (ص) في الظهر والعصر؟ قال: باضطراب لحيته ولو كانوا يعلمون قراءته فيهما بخبر عنه (ص) لذكروه.
(وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نحزر) بفتح النون وسكون الحاء المهملة وضم الزاي نخرص ونقدر، وفي قوله: كنا نحزر: ما يدل على أن المقدرين لذلك جماعة. وقد أخرج ابن ماجة رواية: أن الحازرين ثلاثون رجلا من الصحابة (قيام رسول الله (ص) في الظهر والعصر، فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر ألم تنزيل السجدة) أي في كل ركعة بعد قراءة الفاتحة (وفي الأخريين قدر النصف من ذلك) فيه دلالة على قراءة غير الفاتحة معها في الأخريين، ويزيده دلالة على ذلك قوله (وفي الأوليين من العصر على قدر الأخريين من الظهر)، ومعلوم أنه كان يقرأ في الأوليين من العصر سورة غير الفاتحة (والأخريين) أي من العصر (على النصف من ذلك) أي من الأوليين منه (رواه مسلم). الأحاديث في هذا قد اختلفت، فقد ورد أنها: كانت صلاة الظهر تقام، فيذهب الذاهب إلى البقيع، فيقضي حاجته، ثم يأتي إلى أهله، فيتوضأ، ويدرك النبي (ص) في الركعة الأولى، مما يطيلها أخرجه مسلم،