عن القيام بالواجبات، التي خلق لها العبد، وهي عبادة بارئه وخالقه، وهو المراد من قوله تعالى: * (أنما أموالكم وأولادكم فتنة) * وتقدم الكلام على عذاب القبر.
(وعن ثوبان رضي الله عنه قال: كان رسول الله (ص) إذا انصرف من صلاته أي سلم منها (استغفر الله ثلاثا) بلفظ: أستغفر الله. وفي الأذكار للنووي: قيل للأوزاعي، وهو أحد رواة هذا الحديث: كيف الاستغفار؟ قال: تقول: أستغفر الله أستغفر الله (وقال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والاكرام، رواه مسلم). والاستغفار: إشارة إلى أن العبد لا يقوم بحق عبادة مولاه، لما يعرض له من الوساوس والخواطر، فشرع له الاستغفار تداركا لذلك. وشرع له أن يصف ربه بالسلام، كما وصف به نفسه، والمراد: ذو السلامة من كل نقص وآفة، مصدر وصف به للمبالغة ومنك السلام أي منك نطلب السلامة من شرور الدنيا والآخرة، والمراد بقوله: يا ذا الجلال والاكرام: يا ذا الغنى المطلق والفضل التام، وقيل: الذي عنده الجلال والاكرام لعباده المخلصين، وهو من عظائم صفاته تعالى، ولذا قال (ص): ألظوا بياذا الجلال والاكرام ومر برجل يصلي وهو يقول: يا ذا الجلال والاكرام، فقال: قد استجيب لك.
(وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله (ص) قال: من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين) يقول: سبحان الله (وحمد الله ثلاثا وثلاثين) يقول: الحمد لله (وكبر الله ثلاثا وثلاثين) يقول: الله أكبر (فتلك تسع وتسعون) عدد أسماء الله الحسنى (وقال تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شئ قدير، غفرت خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر) وهو ما يعلو عليه عند اضطرابه (رواه مسلم، وفي رواية أخرى) لمسلم، عن أبي هريرة: (أن التكبير أربع وثلاثون) وبه تتم المائة، فينبغي العمل بهذا تارة، وبالتهليل أخرى، ليكون قد عمل بالروايتين. وأما الجمع بينهما، كما قال الشارح، وسبقه غيره، فليس بوجه، لأنه لم يرد الجمع بينهما، ولأنه يخرج العدد عن المائة، هذا. وللحديث سبب، وهو: أن فقراء المهاجرين أتوا رسول الله (ص)، وقالوا: يا رسول الله، قد ذهب أهل الدثور بالدرجات العلى، والنعيم المقيم، فقال: وما ذلك؟ قالوا: يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ويتصدقون ولا نتصدق، ويعتقون ولا نعتق، فقال رسول الله (ص): أفلا أعلمكم شيئا، تدركون به من سبقكم، وتسبقون به من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم، إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا بلى: قال: سبحوا الله. الحديث وكيفية التسبيح وأخويه كما ذكرناه.
وقيل: يقول: سبحان الله والحمد لله، والله أكبر ثلاثا وثلاثين. وقد ورد في البخاري من حديث أبي هريرة أيضا: يسبحون عشرا، يحمدون عشرا، ويكبرون عشرا. وفي صفة أخرى يسبحون خمسا وعشرين تسبيحة، ومثلها تحميدا، ومثلها تكبيرا، ومثله لا إله إلا الله وحده