أن آتيه بثلاثة أحجار، فوجدت حجرين ولم أجد ثالثا، فأتيته بروثة، فأخذهما وألقى الروثة) زاد ابن خزيمة: أنها كانت روثة حمار (وقال: إنها ركس) بكسر الراء وسكون الكاف، في القاموس: إنه الرجس (أخرجه البخاري، وزاد أحمد والدارقطني: ائتني بغير ها). أخذ بهذا الحديث الشافعي، وأحمد، وأصحاب الحديث، فاشترطوا أن لا تنقص الأحجار عن الثلاث مع مراعاة الانقاء. وإذا لم يحصل بها زاد حتى ينقى. ويستحب الايتار، وتقدمت الإشارة إلى ذلك. ولا يجب الايتار لحديث أبي داود: ومن لا فلا حرج تقدم. قال الخطابي: لو كان القصد الانقاء فقط لخلا ذكر اشتراط العدد عن الفائدة، فلما اشترط العدد لفظا، وعلم الانقاء معنى دل على إيجاب الامرين، وأما قول الطحاوي: لو كان الثلاث شرطا لطلب (ص) ثالثا. فجوابه أنه قد طلب (ص) الثالث، كما في رواية أحمد، والدارقطني المذكورة في كلام المصنف، وقد قال في الفتح: إن رجاله ثقات، على أنه لو لم تثبت الزيادة هذه، فالجواب على الطحاوي: أنه (ص) اكتفى بالأمر الأول في طلب الثلاث، وحين ألقى الروثة علم ابن مسعود أنه لم يتم امتثاله الامر حتى يأتي بثالثة. ثم يحتمل أنه (ص) اكتفى بأحد أطراف الحجرين، فمسح به المسحة الثالثة، إذ المطلوب تثليث المسح ولو بأطراف حجر واحد. وهذه الثلاث لاحد السبيلين. ويشترط للآخر ثلاثة أيضا فتكون ستة، لحديث ورد بذلك في مسند أحمد، على أن في النفس من إثبات ستة أحجار شيئا، فإنه (ص) ما علم أنه طلب ستة أحجار مع تكرر ذلك منه مع أبي هريرة، وابن مسعود، وغيرهما. والأحاديث بلفظ: من أتى الغائط، كحديث عائشة: إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه عند أحمد، والنسائي، وأبي داود، والدارقطني، وقال: إسناده حسن صحيح، مع أن الغائط - إذا أطلق - ظاهر في خارج الدبر، وخارج القبل يلازمه. وفي حديث خزيمة بن ثابت: أنه (ص) سئل عن الاستطابة فقال:
بثلاثة أحجار ليس فيها رجيع أخرجه أبو داود، والسؤال عام للمخرجين معا، أو أحدهما، والمحل محل البيان. وحديث سلمان بلفظ: أمرنا أن لا نكتفي بدون ثلاثة أحجار وهو مطلق في المخرجين. ومن اشترط الستة، فلحديث أخرجه أحمد، ولا أدري ما صحته، فيبحث عنه، ثم تتبعت الأحاديث الواردة في الامر بثلاثة أحجار، والنهي عن أقل منها فإذا هي كلها في خارج الدبر، فإنها بلفظ النهي عن الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار، وبلفظ الاستجمار: إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثا، وبلفظ التمسح: نهى (ص) أن يتمسح بعظم.
إذا عرفت هذا: فالاستنجاء لغة: إزالة النجو، وهو الغائط، والغائط كناية عن العذرة، والعذرة خارج الدبر، كما يفيد ذلك كلام أهل اللغة، ففي القاموس: النجو: ما يخرج من البطن من ريح أو غائط، واستنجى: اغتسل بالماء، أو تمسح بالحجر، وفيه استطاب استنجى، واستجمر: استنجى، وفيه التمسح: إمرار اليد لإزالة الشئ السائل، المتلطخ اه. فعرفت من هذا كله أن الثلاثة الأحجار لم يرد الامر بها والنهي عن أقل منها إلا في إزالة خارج الدبر، لا غير، ولم يأت بها دليل في خارج القبل، والأصل عدم التقدير بعدد، بل المطلوب الإزالة لاثر