لا ببدنه كله قال: وإنما يمكن الانحراف بالفم بانحراف الوجه، ثم ساق من طريق وكيع فجعل يقول في أذانه: هكذا، وحرف رأسه يمينا وشمالا وأما رواية: إن بلالا استدار في أذانه، فليست بصحيحة، وكذلك رواية: أنه (ص) أمره أن يجعل أصبعيه في أذنيه رواية ضعيفة. وعن أحمد بن حنبل: لا يدور إلا إذا كان على منارة قصدا لاسماع أهل الجهتين.
وذكر العلماء: أن فائدة التفاته أمران: أحدهما أنه أرفع لصوته. وثانيهما: أنه علامة للمؤذن، ليعرف من يراه على بعد، أو من كان به صمم أنه يؤذن، وهذا في الأذان. وأما الإقامة فقال الترمذي: إنه استحسنه الأوزاعي.
(وعن أبي محذورة رضي الله عنه أن النبي (ص) أعجبه صوته، فعلمه الأذان، رواه ابن خزيمة. وصححه، وقد قدمنا القصة، واستحسانه (ص) لصوته، وأمره له بالأذان بمكة. وفيه دلالة على أنه يستحب أن يكون صوت المؤذن حسنا.
(وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صليت مع رسول الله (ص) العيدين غير مرة ولا مرتين) أي: بل مرات كثيرة (بغير أذان، ولا إقامة) أي حال كون الصلاة غير مصحوبة بأذان، ولا إقامة (رواه مسلم). فيه دليل: على أنه لا يشرع لصلاة العيدين أذان، ولا إقامة، وهو كالاجماع. وقد روى خلاف هذا عن ابن الزبير، ومعاوية، وعمر بن عبد العزيز، قياسا منهم للعيدين على الجمعة، وهو قياس غير صحيح، بل فعل ذلك بدعة، إذ لم يؤثر عن الشارع، ولا عن خلفائه الراشدين، ويزيده تأكيدا قوله:
(ونحوه) أي نحو حديث جابر بن سمرة (في المتفق عليه) أي الذي اتفق على اخراجه الشيخان (عن ابن عباس رضي الله عنهما، وغيره) من الصحابة. وأما القول بأنه يقال في العيد عوضا عن الأذان: الصلاة جامعة فلم ترد به سنة في صلاة العيدين. قال في الهدي النبوي: وكان (ص) إذا انتهى إلى المصلى أخذ في الصلاة: أي صلاة العيد من غير أذان، ولا إقامة، ولا قول: الصلاة جامعة، والسنة: أن لا يفعل شئ من ذلك، وبه يعرف أن قوله في الشرح: ويستحب في الدعاء إلى الصلاة في العيدين، وغيرهما، مما لا يشرع فيه أذان، كالجنازة: الصلاة جامعة: غير صحيح، إذ لا دليل على الاستحباب، ولو كان مستحبا لما تركه (ص)، والخلفاء الراشدون من بعده، نعم، ثبت ذلك في صلاة الكسوف لا غير، ولا يصح فيه القياس، لان ما وجد سببه في عصره، ولم يفعله، ففعله بعد عصره بدعة، فلا يصح إثباته بقياس، ولا غيره.
(وعن أبي قتادة: في الحديث الطويل في نومهم عن الصلاة) أي عن صلاة الفجر، وكان عند قفولهم من غزوة خيبر. قال ابن عبد البر: هو الصحيح: (ثم أذن بلال) أي بأمره (ص)، كما في سنن أبي داود: ثم أمر بلالا أن ينادي بالصلاة فنادى بها، (فصلى رسول الله (ص) كما كان يصنع كل يوم. رواه مسلم). فيه دلالة على شرعية التأذين للصلاة الفائتة بنوم، ويلحق به المنسية، لأنه (ص)