النجاسات، عملا بالأحاديث الواردة بالتفرقة بينهما، وهو قول علي عليه السلام، وعطاء، والحسن، وأحمد، وإسحاق، وغيرهم. والثالث: يكفي النضح فيهما وهو كلام الأوزاعي. وأما هل بول الصبي طاهر أو نجس؟ فالأكثر: على أنه نجس، وإنما خفف الشارع تطهيره. واعلم أن النضح كما قاله النووي في شرح مسلم: هو أن الشئ الذي أصابه البول يغمر، ويكاثر بالماء مكاثرة لا تبلغ جريان الماء، وتردده، وتقاطره، بخلاف المكاثرة في غيره، فإنه يشترط أن تكون بحيث يجري عليها بعض الماء، ويتقاطر من المحل، وإن لم يشترط عصره، وهذا هو الصحيح المختار، وهو قول إمام الحرمين، والمحققين.
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: أن النبي (ص) قال - في دم الحيض يصيب الثوب -: تحته، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه متفق عليه. (وعن أسماء) بفتح الهمزة وسين مهملة فميم فهمزة ممدودة (بنت أبي بكر رضي الله عنهما) وهي أم عبد الله بن الزبير. أسلمت بمكة قديما، وبايعت النبي (ص)، وهي أكبر من عائشة بعشر سنين، وماتت بمكة بعد أن قتل ابنها بأقل من شهر، ولها من العمر مائة سنة، وذلك سنة ثلاث وسبعين، ولم تسقط لها سن، ولا تغير لها عقل، وكانت قد عميت. (أن النبي (ص) قال في دم الحيض يصيب الثوب: تحته) بالفتح للمثناة الفوقية وضم الحاء المهملة وتشديد المثناة الفوقية، أي تحكه، والمراد بذلك إزالة عينه (ثم تقرصه بالماء) أي الثوب، وهو بفتح المثناة الفوقية وإسكان القاف وضم الراء والصاد المهملتين: أي تدلك ذلك الدم بأطراف أصابعها ليتحلل بذلك ويخرج ما شربه الثوب منه (ثم تنضحه) بفتح الضاد المعجمة: أي تغسله بالماء (ثم تصلي فيه متفق عليه). ورواه ابن ماجة بلفظ:
اقرصيه بالماء واغسليه ولابن أبي شيبة بلفظ: اقرصيه بالماء، واغسليه، وصلي فيه. وروى أحمد، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة، وابن خزيمة، وابن حبان من حديث أم قيس بنت محصن: أنها سألت رسول الله (ص) عن دم الحيض يصيب الثوب فقال: حكيه بصلع، واغسليه بماء وسدر قال ابن القطان: إسناده في غاية الصحة، ولا أعلم له علة، وقوله: بصلع بصاد مهملة مفتوحة فلام ساكنة وعين مهملة: الحجر. والحديث دليل على نجاسة دم الحيض، وعلى وجوب غسله، والمبالغة في إزالته بما ذكر من الحت، والقرص، والنضح لاذهاب أثره، وظاهره: أنه لا يجب غير ذلك، وإن بقي من العين بقية، فلا يجب الحاد لاذهابها، لعدم ذكره في الحديث أي حديث أسماء، وهو محل البيان، ولأنه قد ورد في غيره: ولا يضرك أثره.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالت خولة: يا رسول الله، فإن لم يذهب الدم؟ قال: يكفيك الماء، ولا يضرك أثره أخرجه الترمذي. وسنده ضعيف. (وعن أبي هريرة قال: قالت خولة) بالخاء المعجمة مفتوحة وسكون الواو وهي بنت يسار، كما أفاده ابن عبد البر في الاستيعاب حيث قال: خولة بنت يسار (يا رسول الله فإن لم يذهب الدم قال: يكفيك الماء ولا يضرك أثره. أخرجه الترمذي وسنده ضعيف)، وكذلك أخرجه البيهقي، لان فيه ابن لهيعة. وقال إبراهيم الحربي: لم نسمع بخولة بنت يسار إلا في هذا الحديث. ورواه الطبراني في الكبير من حديث خولة بنت حكيم بإسناد أضعف من الأول. وأخرجه الدارمي من حديث عائشة موقوفا عليها: إذا غسلت المرأة الدم، فلم يذهب فلتغيره بصفرة أو زعفران رواه أبو داود عنها موقوفا أيضا، وتغييره بالصفرة والزعفران ليس لقلع عينه، بل لتغطية لونه تنزها عنه. والحديث دليل لما أشرنا: من أنه لا يجب استعمال الحاد