ولكنا أخذنا بالاستحسان، للحديث الوارد في باب الخيار.
وإن شرطا شرطا لا يقتضيه العقد ولم يرد الشرع به أيضا لكنه يلائم العقد ويوافقه، وذلك نحو أن يشتري شيئا بشرط أن يعطي للبائع، كفيلا بالثمن أو رهنا بالثمن، فهذا على وجهين:
إما أن يكون الكفيل أو الرهن معلوما بالإشارة والتسمية أو لم يكن معلوما بالإشارة والتسمية.
فإن لم يكن معلوما بأن قال: أبيعك بشرط أن تعطيني رهنا بالثمن، ولم يسم رهنا ولا أشار إليه، أو قال: بشرط أن تعطيني كفيلا بالثمن ولم يسم إنسانا ولا أشار إلى إنسان، كان البيع فاسدا، لأن هذه جهالة تفضي إلى منازعة مانعة عن التسليم والتسلم.
وأما إذا كان معلوما بالإشارة أو بالتسمية فالقياس أن لا يجوز البيع، وبه أخذ زفر. وفي الاستحسان يجوز، وهو قول علمائنا وهو الصحيح، لان الرهن والكفالة بالثمن شرعا توثيقا للثمن، فيكون بمنزلة اشتراط الجودة في الثمن، فيكون شرطا مقررا لما يقتضيه العقد معنى.
ثم إنما يجوز البيع استحسانا في اشتراط الكفالة، إذا كان الكفيل حاضرا في المجلس وقبل.
فأما إذا كان غائبا فإنه لا يجوز، وإن بلغه الخبر فقبل، لان وجوب الثمن في ذمة الكفيل مضاف إلى البيع، فيصير الكفيل بمنزلة المشتري إذا كانت الكفالة مشروطة في البيع، وحضرة المشتري في المجلس شرط لصحة الايجاب من البائع ولا يتوقف إلى ما وراء المجلس، فكذلك حضرة الكفيل، بخلاف الرهن فإن حضرته ليست بشرط في المجلس، لان الرهن من المشتري، وهو حاضر والتزم الرهن، فالرهن صحيح. ثم في الرهن ما لم يسلم المشتري الرهن إلى البائع لا يثبت فيه حكم الرهن،