ثم الشهود الذين ينعقد النكاح بهم فيهم شرائط:
منها: العقل، والبلوغ، والحرية، حتى لا ينعقد بحضرة الصبيان، والمجانين، والعبيد.
وكذا الاسلام في حق نكاح المسلم والمسلمة، حتى لا يجوز إلا بحضرة المسلمين. فأما المسلم إذا تزوج ذمية بشهادة ذميين، جاز عند أبي حنيفة وأبي يوسف. وقال محمد: لا يجوز.
وكذا القاضي لا يقضي بنكاح المسلمة على المسلم إلا بشهادة المسلمين. وهل يقضي بنكاح المسلم على الذمية بشهادة الذميين؟
إن ادعت الذمية النكاح على المسلم لا يقبل، لأنه شهادة على المسلم.
وإن جحدت الذمية وادعى المسلم النكاح هل يقضي بشهادة الذميين؟ فهو على الاختلاف الذي ذكرنا في الانعقاد.
وأما نكاح أهل الذمة فيما بينهم فإنه ينعقد بشهادتهم عندنا، سواء كانت مللهم متفقة، كشهادة اليهود لليهود، والنصارى للنصارى، أو مختلفة كشهادة اليهود للنصارى.
وقال ابن أبي ليلى: يجوز عند اتفاق الملل، دون اختلافها.
وعند الشافعي: لا يجوز أصلا.
ثم عندنا إنما يجوز إذا كانوا من أهل دار واحدة، بأن كانوا في دار الاسلام أو في دار الحرب. وأما إذا اختلفت الدور، بأن كانت الشهود من أهل دار الحرب، كشهادة المستأمنين في نكاح الذمي، فلا يصح. وإن كان على العكس يصح كنكاح الذمي ينعقد بشهادة المسلمين، ولا ينعقد نكاح المسلم بشهادة أهل الذمة.