العباد، أو لان تغيره بالتراب لكونه كدورة، و بالملح المائي لكونه منعقدا من الماء لا يمنع إطلاق اسم الماء عليه، وإن أشبه التغير بهما في الصورة التغير الكثير بما مر، فمن علل بالأول قال: إن المتغير بهما غير مطلق، ومن علل بالثاني قال: إنه مطلق وهو الأشهر والأول أقعد وخرج بما ذكر التغير بمجاور كدهن وعود ولو مطيبين وبمكث وبما في مقر الماء وممره، وإن منع الاسم والتغير بما لا يمنع الاسم لقلته في الأخيرة، ولان التغير بالمجاور لكونه تروحا لا يضر كالتغير بجيفة من الماء. وأما التغير بالبقية، فلتعذر صون الماء عنها، أو لأنه كما قال الرافعي تبعا للامام: لا يمنع تغير بها إطلاق الاسم عليه، وإن وجد الشبه المذكور، والتصريح بالملح المائي من زيادتي. وخرج بالمائي الجبلي، فيضر التغير الكثير به إن لم يكن بمقر الماء أو ممره، وأما التغير بالنجس المفهوم من الطهر فسيأتي.
(وكره شديد حر وبرد) من زيادتي. أي استعماله لمنعه الاسباغ، نعم إن فقد غيره وضاق الوقت وجب أو خاف منه ضررا حرم وخرج بالشديد المعتدل. ولو مسخنا بنجس فلا يكره.
(كره) (متشمس بشروطه) المعروفة بأن يتشمس في إناء منطبع غير نقد كحديد بقطر حار، كالحجاز في بدن. ولم يبرد خوف البرص لان الشمس بحدتها تفصل من الاناء زهومة تعلو الماء، فإذا لا قت البدن بسخونتها خيف أن تقبض عليه فتحبس الدم، فيحصل البرص. فلا يكره المسخن بالنار كما مر لذهاب الزهومة بها، ولا متشمس في غير منطبع كالخزف والحياض، ولا متشمس بمنطبع نقد لصفاء جوهره، ولا متشمس بقطر بارد أو معتدل، ولا استعماله في غير بدن ولا إذا برد كما صححه النووي، على أنه اختار من جهة الدليل عدم كراهة المتشمس مطلقا. وتعبيري بمتشمس أولى من تعبيره بمشمس وقولي بشروطه من زيادتي، (والمستعمل في فرض) من طهارة الحدث كالغسلة الأولى، ولو من طهر صاحب ضرورة (غير مطهران قل) لان الصحابة رضي الله عنهم لم يجمعوا المستعمل في أسفارهم القليلة الماء ليتطهروا به، بل عدلوا عنه إلى التيمم ولان أزال المانع. فإن قلت طهور في الآية السابقة بوزن فعول، فيقتضي تكرر الطهارة بالماء. قلت فعول يأتي اسما للآلة كسحور لما يتسحر به، فيجوز أن يكون طهور. كذلك ولو سلم اقتضاؤه التكرر فالمراد جمعا بين الأدلة ثبوت ذلك لجنس الماء أو في المحل الذي يمر عليه، فإنه يطهر كل جزر منه. والمستعمل ليس بمطلق على ما صححه النووي. ولكن جزم الرافعي بأنه مطلق، وهو الصحيح عند الأكثرين لكن منع من استعماله تعبدا فهو مستثنى من المطلق. و المراد بالفرض ما لا بد منه أثم بتركه أم لا عبادة كان أم لا فيشمل ما توضأ به الصبي وما اغتسلت به الذمية لتحل لحليلها المسلم، أما إذا كثر ابتداء أو انتهاء بأن جمع حتى كثر فمطهر، وإن قل بعد تفريقه لان الطاهرية إذا عادت بالكثرة لما يعلم مما يأتي فالطهورية أولى. وخرج بالفرض المستعمل في غيره كماء الغسلة الثانية والثالثة. والوضوء المجدد فمطهر لانتفاء العلة، وسيأتي المستعمل في النجاسة في بابها.