ذلك (واما) استدلال الحنفية بقول الله تعالى (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) والصبي والمجنون ليسا من أهل التطهير إذ لا ذنب لهما (فالجواب) أن الغالب انها تطهير وليس ذلك شرطا فانا اتفقنا على وجوب الفطر والعشر في مالهما وإن كان تطهيرا في أصله (واما) قوله صلى الله عليه وسلم " رفع القلم عن ثلاثة " فالمراد رفع الاثم والوجوب ونحن نقول لا إثم عليهما ولا تجب الزكاة عليهما بل يجب في مالهما ويطالب باخراجها وليهما كما يجب في مالهما قيمة ما أتلفاه ويجب على الولي دفعها (واما) قياسهم على الحج (فأجاب) امام الحرمين رحمه الله في الأساليب والأصحاب عنه المال ليس ركنا فيه وإنما يتطرق إليه المال توصلا بخلاف الزكاة قال الامام المعتمد ان مقصود الزكاة سد خلة الفقير من مال الأغنياء شكرا لله تعالي وتطهيرا للمال ومال الصبي قابل لأداء النفقات والغرامات إذا ثبت هذا فالزكاة عندنا واجبة في مال الصبي والمجنون بلا خلاف ويجب على الولي اخراجها من مالهما كما يخرج من مالهما غرامة المتلفقات ونفقة الأقارب وغير ذلك من الحقوق المتوجهة إليهما فإن لم يخرج الولي الزكاة وجب على الصبي والمجنون بعد البلوغ والإفاقة اخراج زكاة ما مضى باتفاق الأصحاب لان الحق توجه إلى مالهما لكن الولي عصى بالتأخير فلا يسقط ما توجه إليهما واما المال المنسوب إلى الجنين بالإرث أو غيره فإذا انفصل حيا هل تجب فيه الزكاة فيه طريقان (المذهب) أنها لا تجب وبه قطع الجمهور لان الجنين لا يتيقن حياته ولا يوثق بها فلا يحصل تمام الملك واستقراره فعلى هذا يبتدئ حولا من حين ينفصل (والطريق الثاني) حكاه الماوردي في باب نية الزكاة والمتولي والشاشي وآخرون فيه وجهان (أصحهما) هذا (والثاني) تجب كالصبي قال امام الحرمين تردد فيه شيخي قال وجزم الأئمة بأنها لا تجب والله أعلم * قول المصنف الزكاة تراد بثواب المزكي ومواساة الفقير هذان لابد منهما فبقوله ثواب المزكي يخرج الكافر وبقوله مواساة الفقير يخرج المكاتب والله أعلم * (فرع) في مذاهب العلماء في زكاة مال المكاتب * قد ذكرنا أن مذهبنا انه لا زكاة في مال المكاتب سواء الزرع وغيره وبه قال جمهور العلماء من السلف والخلف قال ابن المنذر وهو قول العلماء كافة إلا أبا ثور فأوجبها على المكاتب في كل شئ كالحر وحكاه العبدري وغيره عن داود وقال أبو حنيفة يجب العشر في زرعه ولا تجب الزكاة في باقي أمواله * واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم " فيما سقت السماء العشر، وهو حديث صحيح * واحتج داود بقوله تعالى (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) والمكاتب والعبد يدخلان في الخطاب على الأصح عند الأصوليين * دليلنا ضعف ملكه بخلاف الحر ولأنها للمواساة وليس هو من أهلها وعلى أبي حنيفة أيضا بالقياس على غير العشر والآية والحديث محمولان على الأحرار *
(٣٣٠)