{ومن مات من المسلمين في جهاد الكفار بسبب من أسباب قتالهم قبل انقضاء الحرب فهو شهيد لا يغسل ولا يصلى عليه لما روى جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم " أمر في قتلي أحد بدفنهم بدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا " وان جرح في الحرب ومات بعد انقضاء الحرب غسل وصلى عليه لأنه مات بعد انقضاء الحرب ومن قتل في الحرب وهو جنب ففيه وجهان قال أبو العباس ابن سريج وأبو علي بن أبي هريرة يغسل لما روى أن حنظلة بن الراهب قتل فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ما شأن حنظلة فاني رأيت الملائكة تغسله فقالوا جامع فسمع الهيعة فخرج إلى القتال " فلو لم يجب غسله لما غسلته الملائكة وقال أكثر أصحابنا لا يغسل لأنه طهارة عن حدث فسقط حكمها بالشهادة كغسل الميت ومن قتل من أهل البغي في قتال أهل العدل غسل وصلي عليه لأنه مسلم قتل بحق فلم يسقط غسله والصلاة عليه كمن قتل في الزنا والقصاص ومن قتل من أهل العدل في حرب أهل البغي ففيه قولان (أحدهما) يغسل ويصلى عليه لأنه مسلم قتل في غير حرب الكفار فهو كمن قتله اللصوص (والثاني) انه لا يغسل ولا يصلي عليه لأنه قتل في حرب هو فيه على الحق وقاتله على الباطل فأشبه المقتول في معركة الكفار ومن قتل قطاع الطريق من أهل القافلة ففيه وجهان (أحدهما) أنه يغسل ويصلى عليه (والثاني) لا يغسل ولا يصلي عليه لما ذكرناه في أهل العدل}.
{الشرح} حديث جابر رواه البخاري رحمه الله وأما حديث حنظلة بن الراهب وأن الملائكة غسلته لما كان جنبا واستشهد فرواه البيهقي باسناد جيد من رواية عبد الله بن الزبير متصلا ورواه مرسلا من رواية عماد بن الزبير ورواية عبد الله بن الزبير لهذا يكون مرسل صحابي رضي الله عنه فإنه ولد قبل سنتين فقط وهذه القضية كانت بأحد ومرسل الصحابي حجة على الصحيح والله أعلم (وأما) الشهيد فسمي بذلك لا وجه سبق بيانها في باب السواك (وقوله) في حديث جابر رضي الله عنه ولم يصل عليهم هو - بفتح اللام - (قوله) سمع هيعة - بفتح الهاء وإسكان الياء - وهي الصوت الذي يفزع منه (قوله) طهارة عن حدث فسقط حكمها بالشهادة احتراز من طهارة النجس فإنه يجب ازالتها على المذهب كما سنوضحه إن شاء الله تعالى (قوله) لأنه مسلم قتل بحق فلم يسقط غسله فيه احتراز ممن قتله الكفار فهو شهيد (قوله) قتله اللصوص هو - بضم اللام - جمع لص بكسرها كحمل وحمول * اما حكم الفصل ففيه مسائل (إحداها) الشهيد لا يجوز غسله ولا الصلاة عليه وقال المزني رحمه الله يصلى عليه وحكي امام الحرمين والبغوي وغيرهما وجها انه تجوز الصلاة عليه ولا تجب ولا يغسل وقال الرافعي رحمه الله الغسل إن