فقالوا ترك عليه شئ ثقيل حتى يموت ثم تدفن المرأة وهذا غلط فاحش وقد أنكره الأصحاب أشد انكار وكيف يؤمر بقتل حي معصوم وإن كان ميؤوسا من حياته بغير سبب منه يقتضي القتل ومختصر المسألة ان رجى حياة الجنين وجب شق جوفها واخراجه والا فثلاثة أوجه (أصحها) لا تشق ولا تدفن حتى يموت (والثاني) تشق ويخرج (والثالث) يثقل بطنها بشئ ليموت وهو غلط وإذا قلنا يشق جوفها شق في الوقت الذي يقال إنه أمكن له هكذا قاله الشيخ أبو حامد وقال البندنيجي ينبغي أن تشق في القبر فإنه استر لها * (فرع) في مسائل تتعلق بالباب (إحداها) قال أصحابنا لا يكره الدفن بالليل لكن المستحب دفنه نهارا قالوا وهو مذهب العلماء كافة الا الحسن البصري فإنه كرهه * واحتج له بحديث جابر رضي الله عنه قال " زجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلي عليه الا أن يضطر انسان إلى ذلك " رواه مسلم * دليلنا الأحاديث الصحيحة المشهورة (منها) حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم " مر بقبر دفن ليلا فقال متى دفن هذا فقالوا البارحة قال أفلا آذنتموني قالوا دفناه في ظلمة الليل فكرهنا ان نوقضك فصلي عليه " رواه البخاري وعن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال " رأى ناس نارا في المقبرة فاتوها فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر وإذا هو يقول ناولوني صاحبكم وإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر " رواه أبو داود باسناد على شرط البخاري ومسلم * واحتج به أبو داود في المسألة وعن عائشة رضي الله عنها " ان أبا بكر الصديق رضي الله عنه لم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح رواه البخاري رحمه الله فهذه الأحاديث المعتمدة في المسألة (وأما) حديث ابن عباس رضي الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل قبرا ليلا فأسرج له سراج " إلى آخره فهو حديث ضعيف (فان قيل) قد قال فيه الترمذي حديث حسن قلنا لا يقبل قول الترمذي في هذا لأنه من رواية الحجاج بن أرطأة وهو ضعيف عند المحدثين ويحتمل انه اعتضد عند الترمذي بغيره فصار حسنا قال أصحابنا رحمهم الله ودفنت عائشة وفاطمة وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم ليلا فلم ينكر ذلك أحد من الصحابة (والجواب) عن حديث جابر ان النهى إنما هو عن دفنه قبل الصلاة عليه والله أعلم (الثانية) الدفن في الأوقات التي نهى عن الصلاة فيها إذا لم يتحره ليس بمكروه عندنا نص عليه الشافعي في الام في باب القيام للجنازة واتفق عليه الأصحاب ونقل الشيخ أبو حامد في أول باب الصلاة على الميت من تعليقه والماوردي والشيخ نصر المقدسي وغيرهم اجماع العلماء عليه وثبت في صحيح مسلم رحمه الله عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال " ثلاث ساعات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها وان نقبر فيها موتانا وذكر وقت طلوع الشمس واستوائها
(٣٠٢)