كصلاة واكل ونحوهما ذكره البغوي وغيره والله أعلم (المسألة الثانية) إذا امتنع من أداء الزكاة منكرا لوجوبها فإن كان ممن يخفى عليه ذلك لكونه قريب عهد بالاسلام أو نشأ ببادية بعيدة أو نحوه ذلك لم يحكم بكفره بل يعرف وجوبها وتؤخذ منه فان جحدها بعد ذلك حكم بكفره (فان قيل) كيف أهمل المصنف التنبيه على أنه إنما يكفر إذا نشأ مسلما بين المسلمين (فالجواب) انه لم يهمله بل نبه عليه بقوله جاحدا لوجوبها قال أهل اللغة الجحد انكار ما اعترف به المنكر قال ابن فارس في الجمل لا يكون الجحود الا مع علم الجاحد به والله أعلم * وإن كان ممن لا يخفي كمسلم مختلط بالمسلمين صار بجحدها كافرا وجرت عليه أحكام المرتدين من الاستتابة والقتل وغيرهما ودليله ما ذكره المصنف وقد سبق في أول كتاب الصلاة بيان ما يكفر بجحده وغير ذلك مما يتعلق بهذا (الثالثة) إذا منع الزكاة بخلا بها وأخفاها مع اعترافه بوجوبها لم يكفر بلا خلاف ولا يجئ فيه الوجه السابق في الكتاب في الممتنع من الصلاة مع اعتقاد وجوبها انه يكفر والفرق ان هناك أحاديث تقتضي الكفر بخلاف هذا ولكن يعزر وتؤخذ منه قهرا كما إذا امتنع من دين آدمي قال الشافعي رحمه الله في المختصر والأصحاب كلهم إنما يعزر مخفيها ومانعها إذا لم يكن له عذر في اخفائها ومنعها بأن كان الامام عادلا يصرفها في وجوهها بعد أخذها على وجهها فإن كان عذر بأن كان الامام جائرا بأن يأخذ فوق الواجب أو يضعها في غير مواضعها فإنها تؤخذ منه ولا يعزر لأنه معذور وإذا منعها حيث لا عذر اخذت منه قهرا كما ذكرناه وهل يؤخذ معها نصف ماله عقوبة له فيه طريقان (أحدهما) القطع بأنه لا يؤخذ وممن صرح بهذا الطريق القاضي أبو الطيب في تعليقه والماوردي والمحاملي في كتبه الثلاثة والمصنف في التنبيه وآخرون وحكوا الاخذ عن مالك قيل وليس هو مذهبه أيضا (والطريق الثاني) وهو المشهور وبه قطع المصنف هنا والأكثرون فيه قولان (الجديد) لا يؤخذ (والقديم) يؤخذ وذكر المصنف دليلهما واتفق الأصحاب على أن الصحيح انه لا يؤخذ وأجابوا هم والشافعي والبيهقي في معرفة السنن والآثار عن حديث بهز بن حكيم بأنه منسوخ وانه كان حين كانت العقوبة بالمال كما ذكره المصنف وهذا الجواب ضعيف لوجهين (أحدهما) إنما ادعوه من كون العقوبة كانت بالأموال في أول الاسلام ليس بثابت ولا معروف (والثاني) ان النسخ إنما يصار إليه إذا علم التاريخ وليس هنا علم بذلك (والجواب) الصحيح تضعيف الحديث كما سبق عن الشافعي رضي الله عنه وأبى حاتم والله أعلم (الرابعة) إذا منع واحد أو جمع الزكاة وامتنعوا بالقتال وجب على الامام قتالهم لما ذكره المصنف وثبت في الصحيحين من رواية أبي هريرة ان الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا أولا في قتال مانعي الزكاة ورأي أبو بكر رضي الله عنه قتالهم واستدل عليهم فلما ظهرت لهم الدلائل وافقوه فصار قتالهم مجمعا عليه وقد نقل المصنف في كتابه وغيره
(٣٣٤)