(فرع) في الإشارة إلى دلائل المسائل السابقة ثبت في صحيح مسلم رحمه الله من رواية عمران ابن حصين وبريدة ان النبي صلى الله عليه وسلم " صلي على المرجومة في الزنا " وثبت في البخاري من رواية جابر رضي الله عنه انه صلى الله عليه وسلم " صلى على ما عز بعد أن رجمه " وفى غير البخاري " أنه لم يصل عليه " وفى مسلم عن جابر ابن سمرة ان رجلا قتل نفسه فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وروى الدارقطني والبيهقي باسنادهما الصحيح عن مكحول عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " صلوا خلف كل بر وفاجر وضلوا على كل بر وفاجر وجاهدوا مع كل بر وفاجر " قالا هذا منقطع فلم يدرك مكحول أبا هريرة رضي الله عنه قال البيهقي قد روى في الصلاة على كل بر وفاجر وعلى من قال لا إله الا الله أحاديث كلها ضعيفة غاية الضعف قال وأصح ما فيه هذا المرسل والله أعلم.
(فرع) في مسائل تتعلق بالباب (إحداها) إذا قتلنا تارك الصلاة غسل وكفن وصلي عليه ودفن في مقابر المسلمين ورفع قبره كغيره كما يفعل بسائر أصحاب الكبائر هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور وفيه وجه حكاه الخراسانيون عن أبي العباس بن القاص صاحب التلخيص انه لا يغسل ولا يكفن ولا يصلي عليه ويطمس قبره تغليظا عليه وتحذيرا من حاله وهذا ضعيف والله أعلم وأما قاطع الطريق فيبنى أمره على صفة قتله وصلبه وفيه قولان مشهوران في باب حد قاطع الطريق (الصحيح) أنه يقتل ثم يغسل ويصلي عليه ثم يصلب مكفنا (والثاني) يصلب حيا ثم يقتل وهل ينزل بعد ثلاثة أيام أم يبقي حتى يتهرى فيه وجهان ان قلنا بالأول أنزل فغسل وصلى عليه وإن قلنا بالثاني لم يغسل ولم يصل عليه قال امام الحرمين وكان لا يمتنع أن يقتل مصلوبا وينزل ويغسل ويصلي عليه ثم يرد ولكن لم يذهب إليه أحد وقال بعض أصحابنا لا يغسل ولا يصلى عليه على كل قول (الثانية) قال صاحب البحر رحمه الله لو صلي على الأموات الذين ماتوا في يومه وغسلوا في البلد الفلاني ولا يعرف عددهم جاز قلت لا حاجة إلى التخصيص ببلد معين بل لو صلى على أموات المسلمين في أقطار الأرض الذين ماتوا في يومه ممن تجوز الصلاة عليهم جاز وكان حسنا مستحبا لان الصلاة على الغائب صحيحة عندنا ومعرفة أعيان الموتى وأعدادهم ليست شرطا والله أعلم (الثالثة) تكره الصلاة على الجنازة في المقبرة بين القبور هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء وحكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عباس وابن عمرو عطاء وابن سيرين وأحمد واسحق وأبى ثور قال وبه أقول ولم يكرهها أبو هريرة وعمر بن عبد العزيز وعن مالك روايتان كالمذهبين.