أما أولا: فلشهادة تتبع كلمات الأصحاب بخلافه، {1} قال في المبسوط في باب الربا: إذا كانت عادة الحجاز على عهده صلى الله عليه وآله في شئ الكيل لم يجز إلا كيلا في سائر البلاد وما كانت فيه وزنا لم يجز إلا وزنا في سائر البلاد والمكيال مكيال أهل المدينة والميزان ميزان أهل مكة هذا كله بلا خلاف، فإن كان مما لا تعرف عادة في عهده صلى الله عليه وآله حمل على عادة البلد الذي فيه ذلك الشئ فما عرف بالكيل لا يباع إلا كيلا، وما عرف فيه الوزن لا يباع إلا وزنا، انتهى.
ولا يخفى عموم ما ذكره من التحديد لمطلق البيع لا لخصوص مبايعة المتماثلين ونحوه كلام العلامة في التذكرة.
وأما ثانيا: فلأن ما يقطع به بعد التتبع في كلماتهم هنا. وفي باب الربا أن الموضوع في كلتا المسألتين شئ واحد، {2} أعني المكيل والموزون قد حمل عليه حكمان، أحدهما عدم صحة بيعه جزافا، والآخر عدم صحة بيع بعضه ببعض متفاضلا، ويزيده وضوحا ملاحظة أخبار المسألتين المعنونة بما يكال أو يوزن فإذا ذكروا ضابطة لتحديد الموضوع فهي مرعية في كلتا المسألتين.
{1} الأول: إن التتبع في كلمات الأصحاب يشهد بذلك. وذكر منها عبارة المبسوط.
وفيه: أن ما أفاده في المبسوط الصريح في ذلك خيرة التذكرة ونهاية الأحكام والمختلف و حواشي الشهيد وغيرها، وهو المنقول عن القاضي كما عن مفتاح الكرامة، ولكن القدماء من الأصحاب لم يصر حوا بذلك.
{2} الثاني: إن المقطوع به بعد التتبع أن الموضوع في هذه المسألة وفي مسألة الربا واحد وهو المكيل والموزون، وقد حمل عليه حكمان:
أحدهما: عدم جواز بيعه متفاضلا.
ثانيهما: عدم جواز بيعه مجازفة. فإذا ذكروا ضابطة لتحديد الموضوع فهي مرعية في كلتا المسألتين.
وفيه: إن ما ذكروه إن كان ضابطة لتعيين المفهوم، أو كان ضابطة لتعيين المصداق مع كونه ظاهرا في ضبط ما هو مصداق الموضوع في المقامين، كما إذا ذكروا المسألتين