منهاج الفقاهة - السيد محمد صادق الروحاني - ج ٥ - الصفحة ٤٧
كما في الفرض المزبور، وكما إذا كان للمتبايعين حدس قوي بالمقدار نادر التخلف عن الواقع، وكما إذا كان المبيع قليلا لم يتعارف وزن الميزان لمثله كما لو دفع فلسا وأراد به رهنا لحاجة. فإن الميزان لم يوضع لمثله فيجوز بما تراضيا عليه من التخمين {1} ولا منافاة بين كون الشئ من جنس المكيل والموزون، وعدم دخول الكيل والوزن فيه لقلته كالحبتين والثلاثة من الحنطة، أو لكثرته كزبرة الحديد كما نبه عليه في القواعد وشرحها وحاشيتها، ومما ذكرنا يتجه عدم اعتبار العلم بوزن الفلوس المسكوكة، فإنها وإن كانت من الموزون ولذا صرح في التذكرة بوقوع الربا فيها إلا أنها عند وقوعها ثمنا حكمها كالمعدود في أن معرفة مقدار ماليتها لا يتوقف على وزنها، فهي كالقليل والكثير من الموزون الذي لا يدخله الوزن. وكذا شبه الفلوس من المسكوكات المركبة من النحاس والفضة كأكثر نقود بغداد في هذا الزمان، وكذا الدرهم والدينار الخالصان، فإنهما وإن كانا من الموزون ويدخل فيهما الربا اجماعا إلا أن ذلك لا ينافي جواز جعلهما عوضا من دون معرفة بوزنهما لعدم غرر في ذلك أصلا
____________________
المعاملية والمقاصد العقلائية كما تختلف باختلاف الأجناس ذاتا أو وصفا كذلك تختلف باختلاف الحدود والمقادير من حيث الاحتياج إلى مقدار خاص بلا نظر إلى القيمة السوقية.
{1} وعلى ما ذكرناه فإن لم يكن المبيع مكيلا أو موزونا - لقلته كالحبتين والثلاثة من الحنطة، أو لكثرته كزبرة الحديد -، أو كان مكيلا وموزونا ولكن كان للمتبايعين حدس قوي بالمقدار نادر التخلف عن الواقع، أو كان الشئ في أصله كذلك ولكن كان ماليته بالعرض تابعة لاعتبار من بيده زمام الأمر بلا دخل للمقدار فيها كالمسكوكات - غير ما هو من الذهب والفضة والأوراق المطبوعة - صح البيع بلا كيل ولا وزن إن لم يلزم الغرر الشخصي كما هو المفروض.
أما في الأول: فلعدم شمول أدلة الكيل والوزن له وانصرافها عنه.
وأما في الثاني: فلأن الكيل والوزن إنما اعتبرا من جهة الطريقية إلى معرفة المقادير
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست