ولم نجد بالأول هنا قائلا على التعيين وإن قيل به في غيره من الخيارات، سوى ما يظهر من بعض المتأخرين اقتصارا على المتيقن فيما خالف أصل اللزوم (1).
وتردد المحقق الكركي في فورية هذا الخيار مع حكمه بها في خيار الغبن والرؤية (2) وكأن منشأه أن المقتضي لهذا الخيار وهو دفع الضرر عام للفور وغيره، وليس منشؤه تعارض الأصلين - اللزوم واستصحاب الخيار - لأ نه مشترك بين المقامين، فلا معنى للتردد في أحدهما والجزم في الآخر.
والتحقيق أن المسألة مبنية على أن لزوم العقد معناه ان أثر العقد مستمر إلى يوم القيامة وأن عموم الوفاء بالعقود عموم زماني، للقطع بأنه ليس المراد من الآية الوفاء بها آنا ما بل على الدوام. وقد فهم المشهور منها ذلك، وباعتبار أن الوفاء بها العمل بمقتضاها، ولا ريب أن المفاد عرفا وبحسب قصد المتعاقدين الدوام، فإذا دل دليل على ثبوت خيار - من ضرار أو إجماع أو إخبار عن أخيار عن ثبوت خيار في الماضي أو مطلقا بناء على الإهمال لا الإطلاق في الاخبار - فيكون استثناء من ذلك العام ويبقى العام على عمومه كاستثناء أيام الإقامة والثلاثين ووقت المعصية ونحوها من حكم السفر.
أو أن اللزوم ليس كالعموم وإنما يثبت ملكا سابقا ويبقى حكمه مستصحبا إلى المزيل، فتكون المعارضة بين استصحابين والثاني وارد على الأول فيقدم عليه، والأول أقوى، لأن حدوث الحادث مع زوال علة السابق يقضي بعدم اعتبار السابق أما مع بقائها فلا يلغو اعتبار السابق. ولعل سبب تردد المحقق الثاني في المقام دون خيار الغبن والرؤية ورود الأخبار به الظاهرة في ذلك كقولهم (عليهم السلام):
وإلا فلا بيع له (3) دونها.
ويمكن إثبات الفورية بطريق آخر وهو مما استدل به على ثبوت الخيار في كثير من مواضعه، وهو حديث الضرار، ويتمشى في غير الخيار من إجازة