يعرف به من الصفات الغالبة عليه دون الألقاب المكروهة، فإذا فعلوا ذلك وكتبوا أسماءهم وأسماء خصومهم في الرقاع قبض ذلك كله إليه وخلط الرقاع وجعلها تحت شئ يسترها به عن بصره، ثم يأخذ منها رقعة فينظر فيها ويدعو باسم صاحبها وخصمه فينظر بينهما.
وإذا جلس للنظر ودخل الخصمان عليه فلا يبدأ أحدهما بكلام، فإن سلما أو سلم أحدهما رد السلام دون ما سواه، وليكن نظره إليهما واحدا، ومجلسهما بين يديه على السواء، فإذا جلسا لم يسألهما ولا أحدهما عن شئ إلا أن يصمتا فلا يتكلما فيقول لهما حينئذ: إن كنتما حضرتما لشئ فاذكراه، فإن ابتدأ أحدهما بالدعوى على صاحبه سمعها، ثم أقبل على الآخر فسأله عما عنده فيما ادعاه خصمه، فإن أقربه ولم يرتب بعقله واختياره ألزمه الخروج إليه منه، فإن خرج وإلا أمر خصمه بملازمته حتى يرضيه، فإن التمس الخصم حبسه على الامتناع من أداء ما أقربه حبسه له، فإن ظهر بعد حبسه إياه أنه معدم فقير لا يرجع إلى شئ ولا يستطيع الخروج مما أقربه خلي سبيله وأمره أن يتمحل حق خصمه ويسعى في الخروج مما عليه.
وإن ارتاب القاضي بكلام المقر وشك في صحة عقله واختياره للإقرار توقف عن الحكم عليه حتى يستبرئ حاله، وإن أنكر المدعى عليه ما ادعاه المدعي سأله أ لك بينة على دعواك؟ فإن قال: نعم هي حاضرة، نظر في بينته، وإن قال: نعم وليست حاضرة، قال له: أحضرها: فإن قال: نعم، أخره عن المجلس ونظر بين غيره وبين خصمه إلى أن يحضر الأول ببينة.
فإن قال المدعي: لست أتمكن من إحضارها، أو قال: لا بينة لي عليه الآن، قال له: فما تريد؟ فإن قال: لا أدري، أعرض عنه، وإن قال: تأخذ لي بحقي من خصمي، قال للمنكر: أ تحلف له؟ فإن قال: نعم، أقبل على صاحب الدعوى فقال له:
قد سمعت أ فتريد يمينه؟ فإن قال: لا، أقامهما ونظر في الحكم مع غيرهما، وإن قال:
نعم أريد يمينه، رجع إليه فوعظه وخوفه بالله.
فإن أقر الخصم بدعواه ألزمه الخروج إليه من الحق، وإن حلف فرق بينهما، وإن