والبحث لا بد منه، وإن لم تكن بهذه الصفة فرقها وسأل كل واحد على حدته عن الكيفية والوقت والمكان وغير ذلك من الوجوه.
فإن اتفقت الشهادات بحث عن العدالة ووعظهم، فإن تبينوا وقد عدلوا حكم، وإن جرحوا أو رجعوا بالوعظ أو اختلفت الشهادات أسقطها واختار للمسألة رجلين موسومين بتسع خصال: بالعفة ووفور العقل والأمانة والوثوق والبراءة من الشحناء والهوى والميل والكيد واللجاج. ووصاهما باكتتام ذلك عن المدعي والمدعى عليه والشهود، وأقل ما يجزئ في ذلك أن يكتب ذكر المدعي والمدعى عليه والشهود ومقدار الحق ليسأل صاحب المسألة أهل مسجدها وسوقها وجيران دكانها وبيوتها سرا في رقعتين ودفع كل واحدة منهما إلى واحد بحيث لا يطلع عليه الآخر.
ولا يقبل التعديل والجروح إلا من اثنين ويعتبر فيه لفظ الشهادة ويقبل التعديل غير مفسر والجرح لا يقبل إلا مفسرا وليشر إلى الحاكم ولم يخل: إما رجعا معا بالتعديل أو بالجرح أو رجع أحدهما بالتعديل والآخر بالجروح، فإن رجعا بالتعديل أمضي الحكم، وإن رجعا بالجرح توقف عنه، وإن اختلفا ضم مع كل واحد رجلا آخر وأمرهم بالسؤال والبحث، فإن رجعوا بتمام بينة الجرح أو التعديل حكم عليه، فإن رجعوا بتمام البينتين أخذ بقول بينة الجرح.
ولا يرتب الحاكم شهودا لا يسمع من غيرهم وإن رتبها سمع منها ومن غيرها جاز، وإذا حضر جماعة دفعة أقرع بينهم فمن خرجت قرعته ابتدأ به في الحكم، وإن علم من جاء أولا بدأ به، وإن اشتبه كتب أساميهم في رقاع وخلطها وجعلها تحت ما يجلس عليه وأخرج واحدة فواحدة فمن خرجت قرعته بدأ به.
وإذا حضر للتداعي خصمان لم يخل حالهما من أربعة أوجه: إما عرف المدعي، أو ادعى كلاهما أنه قد أحضره للدعوى، أو ادعى كل واحد منهما على الآخر دفعة، أو بدأ أحدهما بالدعوى فادعى الآخر أنه أحضره ليدعي عليه. فالأول يسمع دعواه ويحكم على مقتضى الشرع بينهما، والثاني إن كان لأحدهما بينة حكم عليها وإن لم يكن أقرع بينهما، والثالث يسمع ممن يكون على يمين الخصم، والرابع يسمع ممن بدأ بالدعوى