ومن علمه الإمام أو الحاكم زانيا أو سارقا وجب عليه امتثال الأمر، وإذا ثبت ذلك في الحد ثبت في الأموال لأن أحدا لم يفرق بين الأمرين، وأيضا فلو لم يقض الحاكم بعلمه لأدى إما إلى فسقه من حيث منع الحق الذي يعلمه أو إعطاء ما لم يعلم استحقاقه وإما إلى إيقاف الحكم، والأول يقتضي فسخ ولايته وإبطال أحكامه مستقبلا، والثاني ينافي المقصود بها، وأيضا فإنما يحتاج إلى البينة ليغلب في الظن صدق المدعي ولا شبهة في أن العلم بصدقه آكد من غلبة الظن.
فإذا وجب الحكم مع الظن ذلك فلأن يجب مع العلم به أولى وأحرى، ويدل أيضا على ما قلناه إمضاء رسول الله ص الحكم له بالناقة على الأعرابي من أمير المؤمنين ع ومن خزيمة بن ثابت وسماه لذلك ذا الشهادتين من حيث علما صدقه ص بالمعجز، وقول أمير المؤمنين ع لشريح لما طالبه بالبينة على ما ادعاه في درع طلحة: ويحك خالفت السنة بمطالبة إمام المسلمين ببينة وهو مؤتمن على أكثر من هذا، يدل على ما قلناه لأنه أضاف الحكم بالعلم إلى البينة على رؤوس الأشهاد من الصحابة والتابعين فلم ينكر ذلك أحد منهم.
وليس لأحد أن يمنع من الحكم بالعلم من حيث أن ذلك ربما اقتضى تهمة الحاكم لأن ذلك استحسان محض فلا يجوز العدول به عما اقتضاه الدليل، ويلزم على ذلك أن لا يجوز الحكم في المستقبل بالبينة والإقرار المتقدمين من حيث كان مستند هذا الحكم العلم السابق لهما على أن الشروط المراعاة في الحاكم يقتضي حسن الظن به ويمنع من تهمته في الحكم بعلمه كما تمنع من ذلك في قوله: أقر عندي بكذا أو قامت البينة بكذا.
وإذا وجب عليه الحكم بما ثبت عنده بإقرار أو بينة وإن لم يحصل ذلك أحد سواه وحرم عليه الامتناع من الحكم لأجل التهمة وكذلك ما نحن فيه.
ويقضى بشهادة المسلمين بشرط: الحرية والذكورة والبلوع وكمال العقل والعدالة في جميع الأشياء بلا خلاف، غير أنه لا يقبل في الزنى إلا شهادة أربعة رجال بمعاينة الفرج في الفرج مع اتحاد اللفظ والوقت، ومتى اختلفوا في الرؤية أو نقص عددهم أو لم يأتوا بها في وقت واحد حدوا حد الافتراء بلا خلاف أو شهادة ثلاثة رجال وامرأتين وكذا