أحدها: أن يكون على بمعنى من، كأنه قال: من الذين استحق منهم الإثم، كما قال تعالى: إذا اكتالوا على الناس يستوفون، ومعناه من الناس.
الثاني: أن يكون المعنى كما تقول: استحق على زيد مال بالشهادة، أي لزمه ووجب عليه الخروج منه لأن الشاهدين كما عثر على خيانتهما استحق عليهما ما ولياه من أمر الشهادة والقيام بها ووجب عليهما الخروج منهما وترك الولاية لها فصار اخراجهما منه مستحقا عليهما كما يستحق على المحكوم عليه الخروج مما وجب عليه.
الثالث: أن يكون " على " بمنزلة " في " كأنه استحق فيهم وقام " على " مقام في، والمعنى: من الذين استحق عليهم بشهادة الآخرين اللذين هما من غيرنا.
فإن قيل: هل يجوز أن يسند استحق فيه إلى الأوليان؟
قلنا: لا يجوز ذلك لأن المستحق إنما تكون الوصية أو شيئا منها، ولا يجوز أن يستحق الأوليان وهما الأوليان بالميت، فالأوليان بالميت لا يجوز أن يستحقا فيسند استحق إليهما.
وقوله تعالى: فيقسمان بالله، أي يحلفان بالله. وقوله تعالى: لشهادتنا أحق من شهادتهما، جواب القسم التي في قوله تعالى: فيقسمان بالله، وما اعتدينا فيما قلنا أن شهادتنا أحق من شهادتهما، إنا إن اعتدينا لمن الظالمين لنفوسنا. وهذه أصعب آية إعرابا.
فإن قيل: كيف يجوز أن يقف أولياء الميت على كذب الشاهدين أو خيانتهما حتى يحل أن يحلفا.
قيل: يجوز ذلك لوجوه: أحدها أن يسمعوا إقرارهما بالخيانة من حيث لا يعلمان، أو يشهد عندهم شهود عدول بأنهم سمعوهما يقرءان بأنهما كذبا أو خانا أو تقوم البينة عندهما على أنه أوصى بغير ذلك، أو أن هذين لم يحضرا الوصية وإنما تخرصا وبغير ذلك من الأسباب.