الفاسق الوليد بن عقبة وإن كان صحابيا قال: * (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) * (1) ولما كان عبث الفاسق في الدين أكبر وأخطر تصدى علماء الأمة من أهل الجرح والتعديل يتابعون أحوال الناس لاقتناص معرفة الفاسق والكاذب المستور ليرموا بأكاذيبه في نفايات التاريخ صونا للسنة الشريفة وليحفظوا الدين للمسلمين، فلله درهم من رجال. وعليه فلو كان العدل والخيار في كل فرد من الأمة فما الفائدة المرجوة من وجود علم الرجال والجرح والتعديل؟.
3 - من أوائل من عمل بعلم الرجال وتابع أحوالهم وراقب مجالسهم وجرح وعدل هو عمر بن الخطاب، فهو لم يقل للصحابة هنيئا لكم إن الله زكاكم وعدلكم بقوله: * (كنتم خير أمة أخرجت للناس) * وانما جرح المجروحين منهم من أمثال أبي هريرة فهو أول راوية مجروح في تاريخ الإسلام والمسلمين.
وكان من مذهب عمر بن الخطاب أنه يستاء من الرجل يحدث بكل ما سمع عن كل من سمع وبالتالي يحجب الثقة عنه حيث قال كما في صحيح مسلم: " بحسب المرء من الكذب أن يحدث بكل ما سمع " (2) ولما رأى أن أبا هريرة ركب في الحديث كل صعب وذلول أساءه ذلك أكثر ثم عظمت الرزية أكثر فأكثر عندما رأى أنه يحدث عن كعب الأحبار ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في آن واحد فيخلط بينهما تارة أو يختلط الأمر على السامع تارة فينسب حديث كعب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحديث رسول الله إلى كعب وعندها دعاه فزجره وتوعده بالنفي إلى بلاده، كما أخرج ابن عساكر عن السائب بن يزيد انه (سمع عمر يقول لأبي هريرة لتتركن الحديث عن