فالآية الكريمة عامة في الصحابة وغيرهم من أفراد الأمة إلى يوم القيامة فالمورد لا يخصص الوارد كما هي القاعدة الأصولية وإن شئت فقل: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
فائدة: كون الشريعة الإسلامية تقبل شهادة الصادق وترد شهادة الكاذب، ذلك لا من حيث أن الصادق لا يكذب والكاذب لا يصدق لأنه في حقيقة الأمر والواقع لا يستحيل أن تكون شهادة الصادق كاذبة عدا المعصومين وشهادة الكاذب صادقة وهذا يحتاج إلى تفسير ومزيد من الإيضاح لذلك أقول:
إن الله سبحانه وتعالى لم يرد الشهادة الصادقة بما هي صادقة من العاقل الصادق - بما هو عاقل وصادق - لأن الوقائع الكونية والحوادث الواقعية تنقدح في صفحة الذهن قصرا فيسجلها ويحتفظ بها ويتحملها ثم يؤديها في الوقت المناسب وما ذاك إلا لأن في الذهن قابلية الالتقاط مثل المرآة وانطباع الصور بجامع كل منهما يصور لا من حيث المحو والإثبات - وإنما رد الله بعض شهادات العقلاء ومن فيهم قابلية التعقل بسبب تلبسهم بحالة تحجب عنهم الثقة بهم مثل الكفر والفسق والصبا، فالكافر والفاسق لا تقبل شهادتهما في الحدود والمعاملات والروايات عن سيد المرسلين (صلى الله عليه وآله وسلم) وغيرها باستثناء العقود والمعاهدات وبعض الأحكام الأخرى مع غير المسلمين في العلاقات الانسانية، فلو أسلم الكافر وتاب الفاسق وبلغ الصبي قال النووي: " تقبل رواية المسلم البالغ ما تحمله قبلهما " (1).
6 - تكلمنا آنفا عن الشهادة والرواية وتحملهما ومتى يقبل منهما أداؤهما في هذه الحياة ونتكلم في الفقرات التالية عن شهادة الأمة