لأن قصد الرجوع يتضمن زوال العلقة، فكيف يعقل مع إنكار زوالها جدا، فلا محالة يجب حمل تحقق الرجوع به على كونه سببا لعود العلقة قهرا لا قصدا، ولو كان هنا أيضا دليل على انحلال العقد به لكان التصرف أيضا من الأسباب القهرية لانحلال العقد، لا من الأسباب التي يتسبب بها إلى الانحلال، فإنها قصدية عقلا فتدبر.
وربما يتخيل بقاء مرتبة من علقة الزوجية أو الملكية، فتصح التصرفات التي لم يقصد بها الرجوع والرد، وبعد وقوع التصرف الصحيح ينحل العقد قهرا، أو يرتفع أثر الطلاق وتعود علقة الزوجية بجميع مراتبها.
ويندفع أولا: بما مر منا مرارا (1) أن الاعتبارات لا حركة ولا اشتداد فيها، فليس لها خروج من حد الشدة إلى حد الضعف ومن حد الضعف إلى الشدة، بل قد مر سابقا (2) أن الملكية لو كانت من مقولة الجدة لم يكن لها إلا النقص والزيادة لا الضعف والشدة.
وثانيا: بأنه لا دليل على أن التصرف - لأجل تلك المرتبة الباقية - يوجب عود المراتب الزائلة أو المنتقلة إلى الغير، ولو كان دليل على أن التصرف موجب للعود قهرا لأمكن أن يقال به كلية من دون التزام ببقاء بعض المراتب، وحيث إنه سبب تام قهري لعود الزوجية والملكية، فالتصرف مصادف للملك، إذ العلية لا تقتضي التقدم الزماني، بل التقدم الذاتي المجامع مع المعية الزمانية.
وثالثا: أن مقتضى صحة البيع - لأجل ما بقي من مراتب الملكية - انتقال هذه المرتبة من الناقل إلى المنتقل إليه، مع بقاء بعض مراتبه للآخر وهو المشتري الأول فتدبر.
- قوله (قدس سره): (ولكن الاكتفاء فيهما بالرد الفعلي... الخ) (3).
لأنهما من العقود الجائزة التي لا يعتبر اللفظ في انعقادهما، فكذا في انحلالهما بمقتضى الاعتبار، بخلاف البيع وسائر العقود اللازمة، فإنه لا بد من اللفظ في انعقادها لازمة، فمقتضى الاعتبار اعتباره في انحلالها.