وأما بناء على الكشف فهو ممكن الصحة فعلا بامكان لحوق الإجازة له فيما بعد، إذ ليس أمر الامكان بأعظم من أمر الوجود، فكما أن وجوده الفعلي من ناحية وجود الإجازة فيما بعد، كذلك امكانه الفعلي من ناحية امكان الإجازة فيما بعد، فإن وجود المعلول وامكانه بوجود العلة وامكانها، فإذا قلنا بكفاية وجودها المتأخر في وجوده المتقدم، فكذا نقول بكفاية امكانها المتأخر في امكانه المتقدم.
وربما يستدل له بناء على كاشفية الإجازة، بأنه يلزم صحة بيع مال الطفل في زمان من دون ولي أصلا، وهو باطل بظاهر النص الاجماع.
وفيه: أن الممنوع نفوذ بيع ماله من دون انتسابه إلى وليه، لا في زمان لا ولي له وحيث إن البيع في هذا الزمان بإجازة وليه في زمان آخر، فهذا من حيث إنه بيع الولي نافذ، وإن كان زمان نفوذه لا ولي له.
نعم يمكن أن يقال: إن العقد حيث إنه عقد الولي فلا يمنع نفوذه في زمان لا ولي له، لكنه حيث إن العقد في زمان نفوذه على خلاف المصلحة، فهو مناف لاعتبار عدم كونه على خلاف المصلحة حين تحققه ونفوذه، وإن انتسب إلى الولي في زمان مصادف للمصلحة، فإن تجدد المصلحة بعد البيع غير مجد، كتجدد المالية بعد وقوع العقد على ما ليس بمتمول.
بخلاف ما إذا أجازه الطفل بعد بلوغه، فإنه لا يشترط كون عقد البالغ على وفق المصلحة، إلا أن يقال إن موافقة المصلحة مثلا ليس كالتمول شرطا في العوضين حتى يجب تحققه حين ورود البيع عليهما، وليس شرطا في البيع بما هو تمليك حتى يكون زمان تحقق التمليك موصوفا بأنه على وفق المصلحة، بل شرط في نفوذه من الولي، فهو في الحقيقة لازم المراعاة عند انتسابه إلى الولي، حتى لا يكون صادرا من الولي، وهو حال صدوره منه على خلاف المصلحة، وحال انتساب البيع إليه حال الإجازة، لأن الانتساب - كما مر (1) مرارا - لا يتقدم على ما به الانتساب، والمفروض أنه في حال انتسابه إليه على وفق المصلحة، وإن كان هذا العقد المنتسب إليه فعلا مؤثرا في الملكية قبلا.