الأمر حتى يقدم الغائب، فتكون الخصومة معه.
فأما إن قال المدعي فاحلفوا لي هذا المقر أنه لا يعلم أنها لي، فهل يحلف؟
على ما مضى، وإن كان مع المدعي بينة لم يخل المقر من أحد أمرين إما أن يكون له بينة أو لا بينة له، فإن لم يكن له بينة قضينا بها للمدعي لأن بينته أولى من يد الغائب والحاضر، وهل يحلف مع البينة أم لا؟ قال قوم يحلف معها، لأنه قضاء على الغائب بدلالة أن المقر أقر بها له، والقضاء عليه بعد الاعتراف بها للغايب لا يصح ثبت أنه قضاء على غايب، وقال قوم يقضى له بالبينة بغير يمين لأن هذا قضاء على حاضر لأن الشئ في يده، فالظاهر أنها ملكه وهو الأقوى.
هذا إذا لم يكن مع المقر بينة فأما إن كانت معه بينة فإن الحاكم يسمعها منه في حق نفسه، لا في حق الغائب، ويسمع بينة المدعي، ويقضي للمدعي بالبينة، و يستحلفه معها، لأن بينة المقر أنها للغايب أسقطت أن تكون للمقر، فلهذا كان القضاء على الغائب، واستحلفناه.
قالوا فإذا كنتم سمعتم بينة الغائب ثبت له يد وبينة، وللمدعي بينة بلا يد، فكيف لم تقضوا ببينة الداخل؟ قلنا إنما نقضي بالبينة إذا شهدت لمن يدعي الحق، فأما إذا شهدت لمن لا يدعي الحق، لم نحكم له بها، وهكذا نصنع بكل بينة شهدت بحق لمن لا يدعيه، كما لو حضر شاهدان قسمة مال للمفلس، فقالا نشهد بأن هذا العبد لفلان، وفلان لا يدعيه، لم يحكم بذلك، وهكذا لو حضرا قسمة التركة بين الورثة وشهدا بأن هذا العبد لفلان وفلان لا يدعيه، لم يحكم بذلك، ولا يقضى له بها.
قالوا فإذا لم تحكم بها لم تسمعها، قلنا فيه فوائد منها أن تزول التهمة عن المقر، والثاني أن يسقط اليمين عن المقر إذا قال المدعي احلفوه، والثالث يحلف المدعي مع بينته لأن البينة أخلصت القضاء على الغائب.
هذا كله إذا كانت في يد المقر وديعة أو عارية، فأما إن كانت في يده بعقد إجارة ادعاها وأقام البينة بها، فهل نقضي بالإجارة له على الغائب وبالدار للغايب؟ قال