طلبا للتفرد به كتحاسد الضرات في مقاصد الزوجية، والأخوة في نيل المنزلة في قلب الأبوين توصلا إلى مالهما، والتلامذة لأستاذ واحد في نيل المنزلة في قلبه، وندماء الملك وخواصه في نيل المنزلة والكرامة عنده، والوعاظ والفقهاء المتزاحمين على أهل بلدة واحدة في نيل القبول والمال عندهم، إذا كان غرضهم ذلك.
الخامس - التعزز: وهو أن يثقل عليه أن يترفع عليه بعض أقرانه، ويعلم أنه لو أصاب بعض النعم يستكبر عليه ويستصغره، وهو لا يطيق ذلك لعزة نفسه، فيحسده لو أصاب تلك النعمة تعززا لنفسه. فليس غرضه أن يتكبر، لأنه قد رضي بمساواته، بل غرضه أن يدفع كبره.
السادس - التكبر: وهو أن يكون في طبعه الترفع على بعض الناس، ويتوقع منه الانقياد والمتابعة في مقاصده، فإذا نال بعض النعم خاف ألا يحتمل تكبره ويترفع عن خدمته، وربما أراد مساواته أو التفوق عليه، فيعود مخدوما بعد أن كان خادما، فيحسده في وصول النعمة لأجل ذلك.
وقد كان حسد أكثر الكفار لرسول الله (ص) من هذا القبيل، حيث قالوا: كيف يتقدم علينا غلام فقير يتيم؟
" لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم " (9).
السابع - التعجب: وهو أن يكون المحسود في نظر الحاسد حقيرا، والنعمة عظيمة، فيعجب من فوز مثله بمثلها، فيحسده ويحب زوالها عنه، ومن هذا القبيل حسد الأمم لأنبيائهم، حيث قالوا:
" ما أنتم إلا بشر مثلنا " (10). " فقالوا: أنؤمن لبشرين مثلنا؟ " (11).
" ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون " (12).
فتعجبوا من فوز من هو مثلهم برتبة الوحي والرسالة، وحسدوه