إخوانكم المستبصرين البر، وارفعوهم عن الزكاة والصدقات، ونزهوهما عن أن تصبوا عليهم أوساخكم. أيحب أحدكم. أن يغسل وسخ بدنه ثم يصبه على أخيه المؤمن؟ إن وسخ الذنوب أعظم من وسخ بدنه ثم يصبه على أخيه المؤمن؟ إن وسخ الذنوب أعظم من وسخ البدن، فلا توسخوا إخوانكم... " الحديث.
ولا ينبغي أن يصرف إلى من نظره إلى الوسائط، بل ينبغي الصرف إلى من بلغ مقام التوحيد، ويرى النعمة من الله، ولا ينظر إلى الوسائط.
إذ من لم يصف باطنه عن رؤية الوسائط إلا من حيث إنهم وسائط، فغير خال من نوع من الشرك الخفي. قال الصادق (ع) في قول الله تعالى:
" وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون " (8):
" هو قول الرجل: لولا فلان لهلكت! ولولا فلان لما أصبت كذا!
ولولا فلان لضاع عيالي! ألا ترى أنه قد جعل لله شريكا في ملكه، يرزقه أو يدفع عنه؟ "، فقال الراوي: يجوز أن يقال: لولا إن الله من علي بفلان لهلكت؟ قال " نعم! لا يأس بهذا ". ومن أهل المزية والاختصاص بالبذل إليه، من كان مستترا ساترا للحاجة، كائنا من أهل المروة، متغشيا في جلباب التجمل، محصورا في سبيل الله، محبوسا في طريق الآخرة بعيلة أو مرض أو ضيق معيشة أو إصلاح قلب أو سبب آخر من الأسباب، والأولى من الكل الأقارب وأولو الأرحام من أهل الاحتياج، فإن الإنفاق عليهم صدقة وصلة. وفي صلة الرحم من الثواب ما لا يخفى، قال أمير المؤمنين (ع): " لأن أصل أخا من أخواني بدرهم، أحب إلي من أن أتصدق بعشرين درهما، ولأن أصله بعشرين درهما أحب إلي من أن أتصدق بمائة درهم، ولأن أصله بمائة درهم أحب إلي من أن أعتق رقبة ". وفي خبر آخر: " لا صدقة وذو رحم محتاج، الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر، وصلة الأخوان بعشرين، وصلة الرحم بأربعة وعشرين ". وفي الخبر: " إن أفضل الصدقات والصلات الإنفاق على ذي الرحم الكاشح ":
يعني المبغض، وكأنه لمخالفة الهوى وصدوره عن الخلوص والتقوى.