وكأنه إنما دعاه إلى الاستدلال بهذا الدليل: النصوص الواردة في الصيد الذي سقط من جبل أو وقع في ماء قبل زهوق روحه فمات، حيث إنها حكمت بعدم أكله (1).
ولقائل أن يقول: إن ثبوته في الاصطياد لا يستلزم ثبوته في الذبح أيضا، فإنه يمكن أن تكون التذكية الصيدية هي ما يخرج روحه بالاصطياد وليس غيره اصطيادا مع الحياة، ولا كذلك التذكية الذبحية، بل المعتبر فيها قطع الأوداج مع الحياة بالشرائط من أي سبب كان خروج الروح.
ولذا فرق بينهما في الروايات أيضا، فحكمت بحرمة الصيد المذكور بخلاف الذبحية، بل حكمت فيها بالحلية كما في صحيحة زرارة: (إن ذبحت ذبيحة فأجدت الذبح فوقعت في النار أو في الماء أو من فوق بيتك أو جبل إذا كنت قد أجدت الذبح فكل) (2).
وهل هذا من الشارع إلا التفرقة بين الصيد والذبح؟! وهذا ظاهر جدا، ويؤكد ذلك ما يأتي من اختلافهم في حلية الذبيحة التي أبين رأسها قبل خروج روحها، فإن إبانة الرأس أقوى سبب في خروج الروح، مع أن من حكم فيها بالحرمة استند لها بالخبر الناهي عن أكله، لا باستناد الموت إلى الإبانة.
ويرد الثالث: بمنع أصالة الحرمة، بل الأصل مع الحلية، كما ذكرناه غير مرة.
والرابع: بمنع تبادر ما تستقر حياته وغلبته بحيث تنصرف الاطلاقات