التصرف في مال الغير بدون إذنه، ولم يثبت الجواز هنا بدون التقويم، إذ لا نص على إباحة الاتلاف هنا، بل المبيح الاجماع والضرورة، فيكتفى فيه بالمتيقن.
ومنه تظهر التفرقة بين ذلك وبين ما مر في الفرع السابق.
ثم التقويم الواجب هل هو بثمن المثل، أو بكل ما يعلم رضا المالك به ولو زاد عن الثمن بالقدر المقدور، أو كلما يقدر عليه؟
مقتضى الأصل: أحد الأخيرين، ولكن أدلة نفي الضرر والاضرار تثبت الأول، ولا يعارضه حديث: (الناس مسلطون على أموالهم) (1)، إذ ليس هناك صاحب مال حاضر.
ومنه يظهر الفرق بين ذلك وبين ما إذا كان ذو المال حاضرا وطلب الزائد عن ثمن المثل.
و: لو وجد المضطر مال الغير والميتة ونحوها من الدم ولحم الخنزير والمسكر، فإن بذله المالك بغير عوض أو بعوض مقدور عاجلا أو آجلا تعين أكل مال الغير، لعدم الاضطرار ولو زاد الثمن عن ثمن المثل.. إلا إذا كان بقدر يضر بحاله فلا يتعين، لأدلة نفي الضرر.
وإن لم يبذله المالك، أو من قام مقامه، أو كان غائبا، فالحق التخيير، لوجوب أحد الأمرين بالاضطرار، وعدم المعين.
وقد يرجح أكل الميتة بل يعين، لأنه أبيح للمضطر بنص القرآن (2) دون أكل مال الغير، فهو إن كان مضطرا تباح له الميتة كالمذكى، فلا يكون مضطرا إلى مال الغير، وإن لم يكن مضطرا فلا يباح له شئ منهما، ومع