وبالجملة: المناط - في غير ما تجري فيه أدلة إباحة ما حرم أكله أو شربه للمضطر - أدلة نفي العسر والحرج والضرر، وجريانها موقوف على عدم جريانها في الطرف الآخر أيضا، فتأمل.
المسألة السابعة: يستثنى من الأصول الأربعة ومن كل محرم أيضا ما إذا دعت إلى تناوله التقية، للاجماع، وأدلة وجوب التقية (1). ويجب الاقتصار فيه على قدر التقية.
وأما ما ورد في مرسلة زرارة: في المسح على الخفين تقية؟ قال: (لا يتقى في ثلاث) قلت: وما هن؟ قال: (شرب الخمر) أو قال: شرب المسكر (والمسح على الخفين، ومتعة الحج) (2)، فإنما يدل على عدم اتقائهم عليهم السلام، فلعله كان لعلمهم بأنه لا يترتب عليه ضرر في حقهم، أو لأنه كان اجتناب هذه الأمور منهم معروفا مشهورا عند الناس، بحيث لا تؤثر فيها التقية، أو لا يطلب منهم.
وأما رواية سعيد: (ليس في شرب النبيذ تقية) (3) فلعل المراد منه:
النبيذ الحلال، أو المراد - بل هو الظاهر -: أن التقية إنما تكون فيما يتقى فيه عن المخالفة في المذهب، فيرتكب ما يوافق مذهبهم إخفاء لمذهبه ولو لم يكرهوه عليه، وشرب النبيذ حرام عند الكل، فلا معنى للتقية فيه، لأنه موافق لمذهبهم (4).