وفي المقام إذا كان الملاك الملحوظ للمولى يقتضي التعبدية فحيث يستحيل استيفاؤه بأمر واحد يتعين للمولى أن يأمر أولا بذات العبادة، ثم يأمر ثانيا بالاتيان بها بقصد امتثال الامر الأول الذي لا يلزم منه شئ من المحاذير السابقة، وحيث فرض أن الامرين ناشئان عن غرض واحد كانا ارتباطيين في مقام الامتثال، ويمتنع سقوط أحدهما بالامتثال دون الاخر.
وقد أورد المحقق الخراساني (قدس سره) على تعدد الامر في مثل ذلك بعدم الحاجة إلى الامر الثاني حينئذ، بل على الامر أن يتكل على ما يحكم به العقل من أنه مع عدم حصول الغرض بمجد موافقة الامر الأول يجب على المكلف موافقته بالنحو الذي يحصل به الغرض بالاتيان بجميع ما يكون دخيلا فيه، وإن لم يؤخذ في الامر.
وقد دفعه سيدنا الأعظم (قدس سره) بأنه إنما يتم مع علم المكلف بعدم حصول الغرض، وكذا مع الشك لو قيل بحكم العقل بالاحتياط، أما لو قيل بحكمه بالبراءة فلا مانع من الامر الثاني مولويا، ليكون رافعا لحكم العقل.
بل ول قيل بأن حكم العقل بالاحتياط منوط بعدم البيان من الشارع الأقدس صح الامر مولويا وكان واردا على حكم العقل.
والظاهر رجوع ما ذكره بعض الأعيان المحققين إلى ذلك، بل لا يبعد رجوع ما ذكره بعض المحققين إليه في الجملة أيضا.
لكن لا يخفى أن ما ذكره المحقق الخراساني (قدس سره) ناظر إلى مقام الثبوت، لا الاثبات، فمرجعه إلى أنه بعد فرض عدم وفاء مجرد موافقة الامر الأول بالغرض يحكم العقل بموافقته بالنحو الذي يحصل به الغرض من دون