الحكومة في المقام الحكومة المصطلحة والتنزيل، فإنها عندئذ إن كانت ناظرة إلى جعل الطهارة الظاهرية وتنزيلها منزلة الطهارة الواقعية فلا نظر لها إلى توسعة دائرة الشرط، وإن كانت ناظرة إلى توسعة دائرة الشرط فلا نظر لها إلى جعل الطهارة الظاهرية، وأما بناء على أن يكون مراده (قدس سره) من الحكومة الورود فلا يرد عليه هذا الاشكال، لأن الدليل الوارد يوجد فردا آخر للموضوع وهو الطهارة الظاهرية، وحينئذ فلا مانع من التمسك باطلاق الدليل المورود وهو دليل شرطية الطهارة في المقام لاثبات حكمه لهذا الفرد أيضا، فالنتيجة أن دليل الأصالة يثبت الطهارة الظاهرية واطلاق دليل الشرطية يثبت الشرطية لها فإذن لا اشكال (1).
وفيه أن مفاد دليل أصالة الطهارة، الطهارة الظاهرية وموضوع دليل الاشتراط الطهارة الواقعية، ولا اطلاق له بالنسبة إلى الطهارة الظاهرية، لوضوح أنه ظاهر عرفا في أن الشرط هو الطهارة الواقعية وإرادة الأعم بحاجة إلى قرينة، والمفروض أن دليل الأصالة لا يوجد فردا من الطهارة واقعا لكي يكون مشمولا لدليل الاشتراط، وإنما يوجد الطهارة الظاهرية العذرية التي لا ملاك لها بمعنى أنها غير دخيلة في الملاك، فطهارة الثوب مثلا إذا كانت ظاهرية عذرية غير دخيلة في ملاك الصلاة وإنما جعلت لمصلحة عامة وهي التسهيل بالنسبة إلى نوع المكلفين، وعليه فلا تصلح الطهارة الظاهرية أن تكون شرط كالطهارة الواقعية، وإنما جعلت لكي تكون عذرا للمكلف في صورة مخالفتها للواقع هذا، إضافة إلى أن ترتيب آثار الطهارة الواقعية عليها متوقف على أن يكون لسان دليل أصالة الطهارة والحلية لسان التنزيل لا لسان الجعل والاعتبار بدون النظر إلى الواقع أصلا.