مزاحمة حينئذ بينها وبين الملاكات الشخصية الواقعية، وحيث أن المصلحة العامة النوعية أهم عند الشارع من المصالح الشخصية، فلذلك قدم الشارع تلك المصلحة العامة وجعل تلك الأحكام الظاهرية التعذيرية، وعلى هذا فلا مقتضى للاجزاء، لأن الواقع باق على حاله بماله من الملاك، فإذا انكشف الخلاف وبان أنه لم يأت بالواقع ولا بما يتدارك به ملاكه، فلابد من الاتيان به سواء كان في الوقت أم خارجه، وعلى الجملة فالأحكام الظاهرية إن كانت الزامية فهي ناشئة عن اهتمام الشارع بالتحفظ على الملاكات الواقعية حتى في حال الشك والجهل بها، ولا ملاك لها غير الحفاظ على تلك الملاكات في الواقع حتى في هذه الحالة، وإن كانت ترخيصية فهي ناشئة عن المصلحة العامة المترتبة عليها بدون أن تؤثر في الواقع وملاكاته، وعلى هذا فإذا صلى في ثوب طاهر بأصالة الطهارة ثم تبين أنه نجس، فمن الواضح أن صلاته هذه لا تجزي عن الصلاة الواجبة في الواقع وهي الصلاة مع ثوب طاهر، لأن صلاته مع الثوب المذكور صلاة عذرية فلا تجزي عن الصلاة المأمور بها في الواقع، لأنه لم يأت بها ولا بما يتدارك ملاكها، لفرض أن الصلاة العذرية لا تشتمل على الملاك، وعليه فإذا انكشف الخلاف، فإن كان في الوقت وجبت إعادتها فيه، وإن كانت في خارج الوقت وجب قضاؤها.
وأما الدعوى الثانوية، وهي أن هذه القواعد الثلاث حاكمة على الأدلة الاجتهادية التي تدل على شرطية الطهارة للصلاة وتجعل الشرط أعم من الطهارة الواقعية والظاهرية.
فيرد عليها أولا، أن هذه الدعوى لو تمت فإنما تتم في قاعدتي الطهارة والحلية ولا تتم في استصحابهما، لما عرفت من أنه ليس في مورده حكم ظاهري مجعول